في قولهم : ولم يؤت سعة من المال وقد كان طالوت فقيراً ، وقد أجاب عنه نبيهم بقوله : وزاده بسطة في العلم والجسم « الخ » .
قوله تعالى : قال : إِن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم ، الاصطفاء والاستصفاء الاختيار وأصله الصفو ، والبسطة هي السعة والقدرة ، وهذان جوابان عن اعتراضهم .
أما اعتراضهم بكونهم أحق بالملك من طالوت لشرف بيتهم ، فجوابه : ان هذه مزية كان الله سبحانه خص بيتهم بها وإِذا اصطفى عليهم غيرهم كان احق بالملك منهم ، وكان الشرف والتقدم لبيته على بيوتهم ولشخصه على اشخاصهم ، فإِنما الفضل يتبع تفضيله تعالى .
واما اعتراضهم بأنه لم يؤت سعة من المال ، فجوابه : ان الملك وهو استقرار السلطة على مجتمع من الناس حيث كان الغرض الوحيد منه أن يتلائم الارادات المتفرقة من الناس وتجتمع تحت إِرادة واحدة وتتحد الازمة باتصالها بزمام واحد فيسير بذلك كل فرد من افراد المجتمع طريق كماله اللائق به فلا يزاحم بذلك فرد فرداً ، ولا يتقدم فرد من غير حق ، ولا يتأخر فرد من غير حق . وبالجملة الغرض من الملك أن يدبر صاحبه المجتمع تدبيراً يوصل كل فرد من أفراده الى كماله اللائق به ، ويدفع كل ما يمانع ذللك ، والذي يلزم وجوده في نيل هذا المطلوب أمران : أحدهما : العلم بجميع مصالح حياة الناس ومفاسدها ، وثانيهما : القدرة الجسمية على إِجراء ما يراه من مصالح المملكة ، وهما اللذان يشير اليهما قوله تعالى : وزاده بسطة في العلم والجسم ، وأما سعة المال فعده من مقومات الملك من الجهل .
ثم جمع الجميع تحت حجة واحدة ذكرها
بقوله تعالى : والله يؤتي ملكه من يشاء ، وهو أن الملك لله وحده ليس لأحد فيه نصيب إِلا ما آتاه الله سبحانه منه وهو مع ذلك لله كما يفيده الاضافة في قوله تعالى ، يؤتي ملكه ، وإِذا كان كذالك فله تعالى
التصرف في ملكه كيف شاء وأراد ، ليس لأحد أن يقول : لماذا أو بماذا ( أي ان يسئل عن علة التصرف لان الله تعالى هو السبب المطلق ، ولا عن متمم العلية واداة الفعل لأن الله تعالى تام لا يحتاج الى متمم ) فلا ينبغي السؤال عن نقل الملك من
بيت