ليتم الحجة عليهم بإِنكارهم فيما سيجيبون به من قولهم : وما لنا ان لا نقاتل في سبيل الله .
قوله تعالى : قالوا : وما لنا ان لا نقاتل في سبيل الله وقد اخرجنا ، الاخراج من البلاد لما كان ملازماً للتفرقة بينهم وبين أوطانهم المألوفه ، ومنعهم عن التصرف فيها والتمتع بها ، كني به عن مطلق التصرف والتمتع ، ولذلك نسب الإخراج الى الأبناء أيضاً كما نسب الى البلاد .
قوله تعالى : فلما كتب عليهم القتال تولوا إِلا قليلاً منهم والله عليم بالظالمين ، تفريع على قول نبيهم : هل عسيتم « الخ » ، وقولهم : وما لنا ان لا نقاتل ، وفي قوله تعالى : والله عليم بالظالمين ، دلالة على ان قول نبيهم لهم : هل عسيتم ان كتب عليكم القتال ان لا تقاتلوه ، انما كان لوحي من الله سبحانه : انهم سيتولون عن القتال .
قوله تعالى : وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث الى قوله : من المال في جوابه عليهالسلام هذا حيث نسب بعث الملك الى الله تنبيه بما فات منهم إذ قالوا لنبيهم ابعث لنا ملكاً نقاتل ولم يقولوا : اسأل الله ان يبعث لنا ملكاً ويكتب لنا القتال .
وبالجملة التصريح باسم طالوت هو الذي
أوجب منهم الاعتراض على ملكه وذلك لوجود صفتين فيه كانتا تنافيان عندهم الملك ، وهما ما حكاهما الله تعالى من قولهم أنى يكون له الملك علينا ونحن احق بالملك منه ، ومن المعلوم ان قولهم هذا لنبيهم ، ولم يستدلوا على كونهم احق بالملك منه بشيء يدل على ان دليله كان أمراً
بيناً لا يحتاج إِلى الذكر ، وليس إِلا ان بيت النبوة وبيت الملك في بني إِسرائيل وهما
بيتان مفتخران بموهبة النبوة والملك كانتا غير البيت الذي كان منه طالوت ، وبعبارة أُخرى
لم يكن طالوت من بيت الملك ولا من بيت النبوة ولذلك اعترضوا على ملكه بأنا ، وهم أهل بيت الملك أو الملك والنبوة معاً ، أحق بالملك منه لأن الله جعل الملك فينا
فكيف يقبل الانتقال إِلى غيرنا ، وهذا الكلام منهم من فروع قولهم بنفي البداء وعدم جواز
النسخ والتغيير حيث قالوا : يد الله مغلولة غلت أيديهم ، وقد أجاب عنه نبيهم بقوله
: إِن الله اصطفاه عليكم فهذه إِحدى الصفتين المنافيتين للملك عندهم ، والصفة الثانية
ما