التكليف إِلى حيز الدعوة والندب فيستريح بذلك ويتهيج .
قوله تعالى : والله يقبض ويبصط واليه ترجعون ، القبض الأخذ بالشيء اليك ويقابله البسط ، والبصط هو البسط قلب سينه صاداً لمجاورته حرف الاطباق والتفخيم وهو الطاء .
وايراد صفاته الثلاث أعني : كونه قابضاً وباسطاً ومرجعاً يرجعون اليه للإشعار بأن ما أنفقوه بإِقراضه تعالى لا يعود باطلاً ولا يستبعد تضعيفه اضعافاً كثيرة فإِن الله هو القابض الباسط ، ينقص ما شاء ، ويزيد ما شاء ، واليه يرجعون فيوفيهم ما أقرضوه أحسن التوفية .
قوله تعالى : ألم تر الى الملأ من بني اسرائيل الى قوله : في سبيل الله ، الملأ كما قيل : الجماعة من الناس على رأي واحد ، سميت بالملأ لكونها تملاء العيون عظمة وأُبهة .
وقولهم لنبيهم ابعث لنا ملكاً نقاتل في سبيل الله ، على ما يعطيه السياق يدل على ان الملك المسمى بجالوت كان قد تملكهم ، وسار فيهم بما افتقدوا به جميع شؤون حياتهم المستقلة من الديار والأولاد بعد ما كان الله أنجاهم من آل فرعون ، يسومونهم سوء العذاب ببعثة موسى وولايته وولاية من بعده من أوصيائه ، وبلغ من اشتداد الامر عليهم ما انتبه به الخامد من قواهم الباطنة ، وعاد إِلى انفسهم العصبية الزائلة المضعفة فعند ذلك سأل الملأ منهم نبيهم ان يبعث لهم ملكاً ليرتفع به اختلاف الكلمة من بينهم وتتجمع به قواهم المتفرقة الساقطة عن التأثير ، ويقاتلوا تحت امره في سبيل الله .
قوله تعالى : قال : هل عسيتم إِن كتب عليكم القتال ان لا تقاتلوا ، كان بنوا إِسرائيل سألوا نبيهم ان يبعث لهم ملكاً يقاتلون معه في سبيل الله وليس ذلك للنبي بل الامر في ذلك إِلى الله سبحانه ، ولذلك ارجع نبيهم الامر في القتال وبعث الملك إِلى الله تعالى ، ولم يصرح باسمه تعظيماً لأن الذي أجابهم به هو السؤال عن مخالفتهم وكانت مرجوة منهم ظاهرة من حالهم بوحيه تعالى فنزه اسمه تعالى من التصريح به بل إِنما أشار إِلى ان الامر منه واليه تعالى بقوله : إِن كتب ، والكتابة وهي الفرض انما تكون من الله تعالى .
وقد كانت المخالفة والتولي عن القتال
مرجواً منهم لكنه أورده بطريق الاستفهام