في دفعه واسترداد ما تملكه تغلباً وبغياً ، وينتفع به في إِحياء الحق بعد موته جهلاً بين الناس وتحميل سعادتهم عليهم ، فهو أصل فطري ينتفع به الانسان أكثر مما يستضر به .
وهذا الذي ذكرناه « لعله » هو المراد بقوله تعالى : ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ، ويؤيد ذلك تذييله بقوله تعالى : « وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ » .
وقد ذكر بعض المفسرين أن المراد بالدفع في الآية دفع الله الكافرين بالمؤمنين كما أن المورد أيضاً كذلك ، وربما أيده أيضاً قوله تعالى : « وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ » الحج ـ ٤٠ .
وفيه : أنه في نفسه معنى صحيح لكن ظاهر الآية أن المراد بصلاح الأرض مطلق الصلاح الدائم المبقي للاجتماع دون الصلاح الخاص الموجود في أحيان يسيرة كقصة طالوت وقصص أُخرى يسيرة معدودة .
وربما ذكر آخرون : أن المراد بها دفع الله العذاب والهلاك عن الفاجر بسبب البر ، وقد وردت فيه من طرق العامة والخاصة روايات كما في المجمع والدر المنثور عن جابر ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إِن الله يصلح بصلاح الرجل المسلم ولده وولد ولده واهل دويرته ودويرات حوله ، ولا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم ، وفي الكافي وتفسير العياشي عن الصادق عليهالسلام ، قال : إِن الله ليدفع بمن يصلي من شيعتنا عمن لا يصلي من شيعتنا ولو اجتمعوا على ترك الصلاة لهلكوا ، وإِن الله ليدفع بمن يزكي من شيعتنا عمن لا يزكي ولو اجتمعوا على ترك الزكاة لهلكوا ، وإِن الله ليدفع بمن يحج من شيعتنا عمن لا يحج ولو اجتمعوا على ترك الحج لهلكوا الحديث ، ومثلهما غيرهما .
وفيه : أن عدم انطباق الآيتين على معنى الحديثين مما لا يخفى إِلا أن تنطبق عليهما من جهة أن موردهما أيضاً من مصاديق دفع الناس .
وربما ذكر بعضهم : ان المراد دفع الله الظالمين بالظالمين ، وهو كما ترى .
قوله تعالى : تلك آيات الله « الخ » كالخاتمة يختم بها الكلام والقصة غير أن آخر الآية : وإِنك لمن المرسلين ، لا يخلو عن ارتباط بالآية التالية .