يحجب عن السماء ، ومن لم يتقدم في الدعاء لم يستجب له اذا نزل البلاء وقالت الملائكة : ان ذا الصوت لا نعرفه الحديث ، وهو المستفاد من اطلاق قوله تعالى : « نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ » التوبة ـ ٦٧ ، ولا ينافي هذا ما ورد أن الدعاء لا يرد مع الانقطاع ، فإن مطلق الشدة غير الانقطاع التام .
وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : واذا سئلت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله ، ارشاد الى التعلق بالله في السؤال والاستعانة بحسب الحقيقة فإِن هذه الاسباب العادية التي بين أيدينا انما سببيتها محدودة على ما قدر الله لها من الحد لا على ما يتراءى من استقلالها في التأثير بل ليس لها الا الطريقية والوساطة في الإِيصال ، والامر بيد الله تعالى ، فإِذن الواجب على العبد أن يتوجه في حوائجه إلى جناب العزة وباب الكبرياء ولا يركن إِلى سبب بعد سبب ، وإِن كان أبى الله أن يجري الامور الا بأسبابها وهذه دعوة الى عدم الاعتماد على الاسباب الا بالله الذي أفاض عليها السببية لا أنها هداية الى الغاء الاسباب والطلب من غير السبب فهو طمع فيما لا مطمع فيه ، كيف والداعي يريد ما يسأله بالقلب ، ويسأل ما يريده باللسان ويستعين على ذلك بأركان وجوده وكل ذلك أسباب ؟
واعتبر ذلك بالإنسان حيث يفعل ما يفعل
بأدواته البدنية فيعطي ما يعطي بيده ويرى ما يرى ببصره ويسمع ما يسمع باذنه فمن يسأل ربه بإِلغاء الأسباب كان كمن سأل الانسان أن يناوله شيئاً من غير يد أو ينظر اليه من غير عين أو يستمع من غير أُذن ، ومن ركن الى سبب من دون الله سبحانه وتعالى كان كمن تعلق قلبه بيد الانسان في اعطائه أو بعينه في نظرها أو باذنه في سمعها وهو غافل معرض عن الانسان الفاعل بذلك في الحقيقة فهو غافل مغفل ، وليس ذلك تقييداً للقدرة الإلهية غير المتناهية ولا سلباً للاختيار الواجبي ، كما أن الانحصار الذي ذكرناه في
الانسان لا يوجب سلب القدرة والاختيار عنه ، لكون التحديد راجعاً بالحقيقة الى الفعل لا الى الفاعل ، اذ من الضروري أن الانسان قادر على المناولة والرؤية والسمع لكن
المناولة لا يكون الا باليد ، والرؤية والسمع هما اللذان يكونان بالعين والاذن لا مطلقاً ،
كذلك الواجب تعالى قادر على الإطلاق غير أن خصوصية الفعل يتوقف على توسط الاسباب فزيد مثلاً وهو فعل لله هو الانسان الذي ولده فلان وفلانة في زمان كذا ومكان كذا وعند وجود شرائط كذا وارتفاع موانع كذا ، لو تخلف واحد من هذه العلل