مؤجلاً وأفعالاً وآثاراً فكذلك المجتمع في حيوته وموته وعمره وأفعاله وآثاره . وبذلك ينطق القرآن كقوله تعالى : « وَمَا أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَهَا كِتَابٌ مَّعْلُومٌ مَّا تَسْبِقُ مِنْ أُمَّةٍ أَجَلَهَا وَمَا يَسْتَأْخِرُونَ » الحجر ـ ٥ .
وعلى هذا فلو تبدل وصف أمر من الامور من الفردية إِلى الاجتماعية تبدل نحو بقائه وزواله وأثره . فالعفة والخلاعة الفردية حال كونهما فرديين لهما نوع من التأثير في الحيوة فإِن ركوب الفحشاء مثلاً يوجب نفرة الناس عن الانسان والاجتناب عن ازدواجه وعن مجالسته وزوال الوثوق بأمانته هذا إِذا كان أمراً فردياً والمجتمع على خلافه ، وأما اذا صار اجتماعياً معروفاً عند العامة ذهبت بذلك تلك المحاذير لأنها كانت تبعات الإنكار العمومي والاستهجان العام للفعل وقد أذهبه التداول والشياع لكن المفاسد الطبيعية كانقطاع النسل والامراض التناسلية والمفاسد الاخر الاجتماعية التي لا ترضى به الفطرة كبطلان الانساب واختلالها وفساد الانشعابات القومية والفوائد الاجتماعية المترتبة على ذلك مترتبة عليه لا محالة . وكذا يختلف ظهور الآثار في الفرد فيما كان فردياً مع ظهورها في المجتمع اذا كان اجتماعياً من حيث السرعة والبطؤ .
إذا عرفت ذلك علمت : أن محقه تعالى
للربا في مقابل إِربائه للصدقات يختلف لا محالة بين ما كان الفعل فعلاً انفرادياً كالربا القائم بالشخص فإِنه يهلك صاحبه
غالباً ، وقل ما يسلم منه مراب لوجود أسباب وعوامل خاصة تدفع عن ساحة حيوته الفناء والمذلة ، وبين ما كان فعلاً اجتماعياً كالربا الدائر اليوم الذي يعرفه الملل
والدول بالرسمية ، ووضعت عليها القوانين ، وأُسست عليها البنوج فانه يفقد بعض صفاته الفردية لرضى الجامعة بما شاع فيها وتعارف بينها وانصراف النفوس عن التفكر في معائبه لكن آثاره اللازمة كتجمع الثروة العمومية وتراكمها في جانب ، وحلول الفقر والحرمان العمومي في جانب آخر ، وظهور الانفصال والبينونة التامة بين
القبيلين : الموسرين والمعسرين مما لا ينفك عن هذا الربا وسوف يؤثر أثره السيء المشؤم ، وهذا النوع من الظهور والبروز وإِن كنا نستبطئه بالنظر الفردي ، وربما لم نعتن به لإلحاقه
من جهة طول الامد بالعدم ، لكنه معجل بالنظر الاجتماعي ، فان العمر الاجتماعي غير العمر الفردي ، واليوم الاجتماعي ربما عادل دهراً في نظر الفرد . قال تعالى : « وَتِلْكَ
الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ
» آل عمران ـ ١٤٠ ، وهذا اليوم يراد به العصر الذي