وفي الدر المنثور ايضاً عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لو عرفتم الله حق معرفته لزالت لدعائكم الجبال .
اقول : وذلك ان الجهل بمقام الحق وسلطان الربوبية والركون الى الاسباب يوجب الاذعان بحقيقة التأثير للاسباب وقصر المعلولات على عللها المعهودة واسبابها العادية حتى ان الانسان ربما زال عن الاذعان بحقيقة التأثير للأسباب لكن يبقى الاذعان بتعين الطرق ووساطة الاسباب المتوسطة فإِنا نرى ان الحركة والسير يوجب الاقتراب من المقصد ثم اذا زال منا الاعتقاد بحقيقة تأثير السير في الاقتراب اعتقدنا بان السير واسطة والله سبحانه وتعالى هو المؤثر هناك لكن يبقى الاعتقاد بتعين الوساطة وانه لو لا السير لم يكن قرب ولا اقتراب ، وبالجملة ان المسببات لا تتخلف عن اسبابها وان لم يكن للأسباب الا الوساطة دون التأثير ، وهذا هو الذي لا يصدقه العلم بمقام الله سبحانه فإِنه لا يلائم السلطنة التامة الالهية ، وهذا التوهم هو الذي اوجب ان نعتقد استحالة تخلف المسببات عن اسبابها العادية كالثقل والانجذاب عن الجسم ، والقرب عن الحركة ، والشبع عن الاكل ، والريّ عن الشرب ، وهكذا ، وقد مر في البحث عن الاعجاز ان ناموس العلية والمعلولية ، وبعبارة أُخرى توسط الاسباب بين الله سبحانه وبين مسبباتها حق لا مناص عنه لكنه لا يوجب قصر الحوادث على اسبابها العادية بل البحث العقلي النظري ، والكتاب والسنة تثبت اصل التوسط وتبطل الانحصار ، نعم المحالات العقلية لا مطمع فيها .
اذا عرفت هذا علمت : ان العلم بالله يوجب الاذعان بان ما ليس بمحال ذاتي من كل ما تحيله العادة فإِن الدعاء مستجاب فيه كما ان العمدة من معجزات الانبياء راجعة الى استجابة الدعوة .
وفي تفسير العياشي عن الصادق عليهالسلام : في قوله تعالى : فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي يعلمون اني اقدر ان أُعطيهم ما يسألوني .
وفي المجمع ، قال : وروي عن ابي عبد الله عليهالسلام انه قال : وليؤمنوا بي اي وليتحققوا اني قادر على اعطائهم ما سألوه لعلهم يرشدون ، اي لعلهم يصيبون الحق ، اي يهتدون اليه .