وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ـ ٢٨٢ . وَإِن كُنتُمْ عَلَىٰ سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَّقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ـ ٢٨٣ .
( بيان )
قوله تعالى : إِذا تداينتم « الخ » ، التداين ، مداينة بعضهم بعضاً ، والاملال والاملاء إِلقاء الرجل للكاتب ما يكتبه ، والبخس هو النقص والحيف والسأمة هي الملال ، والمضارة مفاعلة من الضرر ويستعمل لما بين الاثنين وغيره . والفسوق هو الخروج عن الطاعة . والرهان ، وقرء فرُهُن بضمتين وكلاهما جمع الرهن بمعنى المرهون .
والاظهار الواقع في موقع الاضمار في قوله تعالى : فإِن كان الذي عليه الحق ، لرفع اللبس برجوع الضمير الى الكاتب السابق ذكره .
والضمير البارز في قوله : أن يمل هو فليملل وليه ، فائدته تشريك من عليه الحق مع وليه ، فإِن هذه الصورة تغاير الصورتين الأوليين بأن الولي في الصورتين الاوليين هو المسؤل بالامر المستقل فيه بخلاف هذه الصورة فإِن الذي عليه الحق يشارك الولي في العمل فكأنه قيل : ما يستطيعه من العمل فعليه ذلك وما لا يستطيعه هو فعلى وليه .
وقوله : أن تضل إِحديهما ، على تقدير حذر ان تضل إِحديهما ، وفي قوله : إِحديهما الاخرى وضع الظاهر موضع المضمر ، والنكتة فيه اختلاف معنى اللفظ في الموضعين ، فالمراد من الاول احديهما لا على التعيين ، ومن الثاني احديهما بعد ضلال الاخرى ، فالمعنيان مختلفان .
وقوله : واتقوا أمر بالتقوى فيما ساقه
الله اليهم في هذه الآية من الامر والنهي ، وأما قوله : ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ، فكلام مستأنف مسوق في مقام الامتنان
كقوله تعالى في آية الإرث : « يُبَيِّنُ
اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّوا
» النساء ـ ١٧٦ ، فالمراد به