ذكره آخرون ، بل الغرض منها واحد وهو تشريع القتال مع مشركي مكة الذين كانوا يقاتلون المؤمنين .
قوله تعالى : وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ، القتال محاولة الرجل قتل من يحاول قتله ، وكونه في سبيل الله إنما هو لكون الغرض منه إقامة الدين وإعلاء كلمة التوحيد ، فهو عبادة يقصد بها وجه الله تعالى دون الاستيلاء على أموال الناس وأعراضهم فإنما هو في الإسلام دفاع يحفظ به حق الانسانية المشروعة عند الفطرة السليمة كما سنبينه ، فان الدفاع محدود بالذات ، والتعدي خروج عن الحد ، ولذلك عقبه بقوله تعالى : ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين .
قوله تعالى : ولا تعتدوا « الخ » الاعتداء هو الخروج عن الحد ، يقال عدا واعتدى إذا جاوز وحده ، والنهي عن الاعتداء مطلق يراد به كل ما يصدق عليه أنه اعتداء كالقتال قبل أن يدعى إلى الحق ، والابتداء بالقتال ، وقتل النساء والصبيان ، وعدم الانتهاء الى العدو ، وغير ذلك مما بينه السنة النبوية .
قوله تعالى : واقتلوهم حيث ثقفتموهم الى قوله : من القتل ، يقال ثقف ثقافة أي وجد وادرك فمعنى الآية معنى قوله : « فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ » التوبة ـ ٦ ، والفتنة هو ما يقع به اختبار حال الشيء ، ولذلك يطلق على نفس الامتحان والابتلاء وعلى ما يلازمه غالباً وهو الشدة والعذاب على ما يستعقبه كالضلال والشرك ، وقد استعمل في القرآن الشريف في جميع هذه المعاني ، والمراد به في الآية الشرك بالله ورسوله بالزجر والعذاب كما كان يفعله المشركون بمكة بالمؤمنين بعد هجرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقبلها .
فالمعنى شددوا على المشركين بمكة كل التشديد بقتلهم حيث وجدوا حتى ينجر ذلك الى خروجهم من ديارهم وجلائهم من أرضهم كما فعلوا بكم ذلك ، وما فعلوه أشد فإن ذلك منهم كان فتنة والفتنة أشد من القتل لان في القتل انقطاع الحياة الدنيا ، وفي الفتنة انقطاع الحياتين وانهدام الدارين .
قوله
تعالى : ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى
يقاتلوكم فيه « الخ » ، فيه نهي عن القتال عند المسجد الحرام حفظاً لحرمته ما حفظوه ، والضمير في قوله : فيه راجع إلى