تستريح إِلى الفرار أو الاستتار او الخمود كبعض الصيد والسلحفاة وبعض الحشرات ، وبعضها الذي يقدر على إِعمال الحيل والمكائد ربما اخذ بها في الدفاع كالقرد والدب والثعلب وأمثالها .
والانسان من بين الحيوان مسلح بالشعور الفكري الذي يقدر به على استخدام غيره في سبيل الدفاع كما يقدر عليه في سبيل التصرف للانتفاع ، وله فطرة كسائر الانواع ، ولفطرته قضاوة وحكم ، ومن حكمها أن للانسان حقاً في التصرف ، وحقاً في الدفاع عن حقه الفطري ، وهذا الحق الذي يذعن به الانسان بفطرته هو الذي يبعثه نحو المقاتلة والمقارعة في جميع الموارد التي يهم بها فيها في الاجتماع الانساني دون حكم الاستخدام الذي يحكم به حكماً اولياً فطرياً فيستخدم به كل ما يمكنه ان يستخدمه في طريق منافعه الحيوية فإِن هذا الحكم معدل بالاجتماع إِذ الانسان إِذا أحس بحاجته إِلى استخدام غيره من بني نوعه ثم علم بأن سائر الافراد من نوعه أمثاله في الحاجة اضطر إِلى المصالحة والموافقة على التمدن والعدل الاجتماعي بأن يخدم غيره بمقدار ما يستخدم غيره حسب ما يزنه الاحتياج بميزانه ويعدله الاجتماع بتعديله .
ومن هنا يعلم : ان الانسان لا يستند في شيء من مقاتلاته إِلى حكم الاستخدام والاستعباد المطلق الذي يذعن به في أول أمره فإِن هذا حكم مطلق نسخه الإنسان بنفسه عند أول وروده في الاجتماع واعترف بأنه لا ينبغي أن يتصرف في منافع غيره إِلا بمقدار يؤتي غيره من منافع نفسه ، بل إِنما يستند في ذلك إِلى حق الدفاع عن حقوقه في منافعه فيفرض لنفسه حقاً ثم يشاهد تضييعه فينهض إِلى الدفاع عنه .
فكل قتال دفاع في الحقيقة حتى أن الفاتحين من الملوك والمتغلبين من الدول يفرضون لأنفسهم نوعاً من الحق كحق الحاكمية ولياقة التأمر على غيرهم أو عسرة في المعاش أو مضيقة في الأرض أو غير ذلك فيعتذرون بذلك في مهاجمتهم على الناس وسفك الدماء وفساد الأرض وإِهلاك الحرث والنسل .
فقد تبين : أن الدفاع عن حقوق الإنسانية
حق مشروع فطري مباح الاستيفاء للانسان نعم لما كان هذا حقاً مطلوباً لغيره لا لنفسه يجب أن يوازن بما للغير من
الأهمية فلا يقدم على الدفاع إِلا إِذا كان ما يفوت الانسان بالدفاع من المنافع هو دون
الحق