وحملهم إيّاه ، ولسار بهم سيراً سجحاً (١) ، لا يكلم خشاشه ، ولا يكلّ سائره ، ولا يملّ راكبه ، ولأوردهم نميراً صافياً رويّاً تطفح ضفتاه ، ولا يترنّق جانباه ، ولأصدرهم بطانا ، ونصح لهم سرّاً وإعلانا ... ».
وقالت عليهاالسلام : « ألا هلم فاسمع ، وما عشت أراك الدهر عجباً ، وإن تعجب فعجب قولهم ! ليت شعري إلىٰ أي سناد استندوا ؟! وإلىٰ أي عماد اعتمدوا ؟! وبأيّ عروة تمسّكوا ؟! وعلىٰ أي ذرّية أقدموا واحتنكوا ؟! ( لَبِئْسَ الْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ ) (٢) ، وبئس للظالمين بدلاً ، استبدلوا والله الذنابىٰ بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم ( يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) (٣) ، ( أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ ) (٤) ويحهم ( أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (٥) ؟!
أما لعمري لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ، ثمّ احتلبوا ملء القعب دماً عبيطاً وذعافاً مبيداً ، هنالك يخسر المبطلون ، ويعرف التالون غبّ ما أسس الأولون ... ».
قال سويد بن غفلة : فأعادت النساء قولها علىٰ رجالهن ، فجاء إليها قوم من المهاجرين والأنصار معتذرين وقالوا : يا سيدة النساء لو كان أبو الحسن ذكر لنا هذا الأمر قبل أن يبرم العهد ويحكم العقد ، لما عدلنا عنه إلىٰ غيره ، فقالت عليهاالسلام :
_____________
(١) سجحاً : سهلاً ليناً.
(٢) سورة الحجّ : ٢٢ / ١٣.
(٣) سورة الكهف : ١٨ / ١٠٤.
(٤) سورة البقرة : ٢ / ١٢.
(٥) سورة يونس : ١٠ / ٣٥.