إحدى الشاعرات ذلك علىٰ لسانهن بروعة :
نحن وإن لم نحسن الرمي ولم |
|
تستطع إحدانا تقليب الظبا |
نخدم الجرحىٰ ونقضي حقّهم |
|
ونواسي في الوغىٰ من نُكبا (١) |
لقد زخرت نفوس نساء صدر الإسلام بالعقيدة الإسلامية الفياضة ، واندفعت في عروقها دماء التضحية والفداء ، لقد كانت تثير الحماس في روحه وتعالجه اذا انتكس ، وأمّا اذا داهمها أعداء الله وتعرّضت للأهوال فانها تبادر للدفاع وتقف وقفة الأبطال ، وتقبل علىٰ محاربة الأعداء غير هيّابة ولا وجلة بشجاعة وثبات وصلابة عقيدة ، بل وكانت كلّما ادلهمّت الخطوب ازدادت حماساً واندفاعاً إيماناً بإسلامها.
لقد حمل صدر الدعوة الإسلامية التفاف النساء المضحيات حول النبي صلىاللهعليهوآله وعطفهن عليه ، فكانت منهنّ المؤمنات الصادقات اللواتي استعذبن العذاب في سبيله وسبيل دعوة الإسلام ، ولعل أصدق الصور المشرقة في تاريخ نساء صدر الإسلام هي تضحيات أُم المؤمنين السيدة خديجة الكبرىٰ عليهاالسلام التي ضحّت بكلّ ما تملك من مال وجاه في سبيل نصرة زوجها العظيم محمّد صلىاللهعليهوآله ، وكذلك تضحيات السيدة سميّة زوجة ياسر وأُم الصحابي الجليل عمار رضياللهعنه ، وكذلك تضحيات نخبة من المؤمنات كأُم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها (٢) ونسيبة المازنية. ثمّ تتابع جهاد المرأة حتىٰ تكلّل بسقوط أوّل شهيدة في سبيل الإمامة
_____________
(١) طلائع الشهداء من بني هاشم / السيدة مريم نور الدين فضل الله : ٤٠.
(٢) أُستشهد زوجـها في مـعارك المسلمين الاُولىٰ ثمّ تزوّجـها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، عن الإصابة / ابن حجر العسقلاني ٤ : ٤٠٨.