عفافها وصيانتها سمّيت بالطاهرة (١) ، فجمعت بين المال والجمال والكمال ، فهذه الصفات إذا اجتمعت ـ وقلّما تجتمع ـ فانها تضفي علىٰ المرأة ألواناً من السمو والرفعة ، وعندما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يبشّر قومها بالإسلام ، فلا ينال منهم إلّا التكذيب ، فيرجع إلىٰ بيته حزيناً يائساً ، فتلقاه السيدة خديجة عليهاالسلام فتزيل حزنه ، وتهوّن عليه الأمر.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يودّها ، ويحترمها ، ويثني عليها ، ويفضلها علىٰ سائر نسائه ، بل علىٰ سائر النساء المؤمنات ، ويعظمها ، ويشاورها في أموره ، وقد صدّقته في دعوته ، وآمنت به ، وكانت تستقبل آلام الجهاد الذي خاضه وخاضته معه صابرة محتسبة ، لا ينبض لها عرق بلين أو تخوُّف ، بل تقطع قناطر الدموع والخطوب المشغولة في بسمة كبرياء ، لم يُعهد مثلها في نساء النبي صلىاللهعليهوآله ، لقد كانت عليهاالسلام تستقبل العاصفة وشظاياها المشتعلة وتحوّلها إلىٰ بردٍ وسلامٍ علىٰ قلب زوجها الحبيب محمّد صلىاللهعليهوآله.
وهي أوّل امرأة صدّقت الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله ودخلت الإسلام ، وقامت بخدمات جليلة حتىٰ آخر لحظة من حياتها المباركة ، وكان الحبّ والاحترام والعمل والتضحية لهذا الدين القويم ملء حياتها.
هذا ويمكن الحديث عن فضلها وكراماتها ضمن النقاط الآتية :
١ ـ السبق إلى الإسلام :
الثابت تاريخيّاً أنّ خديجة الكبرى عليهاالسلام أوّل امرأة دخلت الإسلام ، ولهذا عدّها الرسول صلىاللهعليهوآله من سابقات النساء إلى الإيمان بقوله : « خديجة بنت خويلد
_____________
(١) مجمع الزوائد / الهيثمي ٩ : ٢١٨ ، تنقيح المقال / المامقاني ٣ : ٧٧.