ولمّا توفّيت خديجة عليهاالسلام جعلت ابنتها الصدّيقة فاطمة عليهالسلام تتعلّق بأبيها رسول الله صلىاللهعليهوآله وهي تبكي بكاءً شديداً وتقول له : « أين اُمي ؟ أين اُمي ؟ » فنزل جبرئيل بالحال قائلاً لرسول الله : « قل لفاطمة : إنّ الله بنىٰ لاُمّك خديجة بيتاً في الجنّة من قصب (١) ، لا نصب فيه ولا صخب » (٢).
كانت وفاة السيدة أُم المؤمنين خديجة في اليوم العاشر من شهر رمضان ، وفي العام العاشر لمبعثه الشريف عن عمر ناهز الخامسة والستّين سنة ، وتزامنت وفاتها مع فقدان رسول الله صلىاللهعليهوآله الدعامة الثانية له والمدافع الأوّل عنه وهو عمّه أبو طالب ، وكانت وفاته في اليوم السادس من شهر رمضان ، فسمّاه عام الحزن (٣) وكان ذلك قبل الهجرة المباركة بثلاث سنين. ثمّ أنّه لمّا جهّزها نزل بقبرها ، ودفنها في منطقة الحجون (٤) (وهو جبل بأعلىٰ مكّة محيط بها) بجنب قبر أُمّه آمنة عليهماالسلام وقبور أهل بيتها وأرحامها ، وقد شرّف الله عزّوجلّ الحجون بها كما شرّف البقيع بأجساد أولادها أئمة أهل البيت سلام الله عليهم وبهذا ورد الحديث الشريف الواصف عظمة مقبرة الحجون : « الحجون والبقيع يؤخذان
_____________
(١) القصب : الزبرجد الأخضر المرصّع بالياقوت الأحمر.
(٢) سيرة ابن إسحاق : ٢٤٣ باب وفاة خديجة بنت خويلد عليهاالسلام.
(٣) لما فقد رسول الله صلىاللهعليهوآله كُلّاً من عمّه أبو طالب وزوجته الوفية خديجة شنأ المقام بمكّة ودخله حزن شديد وشكا ذلك إلىٰ جبرئيل عليهالسلام فأوحىٰ الله عزّوجلّ إليه أن اخرج من القرية الظالم أهلها ، فليس لك بمكّة ناصر بعد أبي طالب وأمره بالهجرة. الكافي / الكليني ١ : ٤٤٠.
(٤) يومئذ لم تكن قد شرعت صلاة الميت كما ذكر الاربلي في كشف الغمّة ١ : ٥١٣.