فاستقبلني أبو بكر وعمر فقالا : ما وراءك يا أبا الحسن ؟ فقلت : يزوّجني رسول الله فاطمة ، وأخبرني أن الله زوّجنيها ، وهذا رسول الله خارج في أثري ليذكر ذلك بحضرة الناس ، فدخلا معي المسجد ، فوالله ما توسّطناه حتىٰ لحق بنا رسول الله ، وإن وجهه ليتهلّل فرحاً وسروراً. فقال صلىاللهعليهوآله : أين بلال ؟ فقال بلال : لبيك وسعديك يا رسول الله ! فقال صلىاللهعليهوآله : وأين مقداد ، فلبّاه وقال : لبيك يا رسول الله ! فقال صلىاللهعليهوآله : وأين سلمان ؟ فلبّاه وقال : لبيك يا رسول الله !
فلما مثلوا بين يديه قال صلىاللهعليهوآله : انطلقوا بأجمعكم إلىٰ جنبات المدينة ، واجمعوا المهاجرين والأنصار ، فانطلقوا لأمره صلىاللهعليهوآله ، فاقبل حتىٰ جلس علىٰ أعلىٰ درجة من المنبر ، فلما حشد المسجد بأهله قام صلىاللهعليهوآله حامداً الله وأثنىٰ عليه ثمّ قال : الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع سلطانه ، المرهوب من عذابه وسطواته ، النافذ أمره في سمائه وأرضه ، الذي خلق الخلق بقدرته ، وميّزهم بأحكامه ، وأعزّهم بدينه ، وأكرمهم بنبيه محمّد صلىاللهعليهوآله.
إن الله تبارك اسمه وتعالت عظمته جعل المصاهرة سبباً لاحقاً ، وأمراً مفترضاً ، أوشج به الأرحام ، وألزم به الأنام ، فقال عزّ من قائل : ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا ) (١) فأمر الله تعالىٰ يجري إلىٰ قضائه ، وقضاؤه يجري إلىٰ قدره ، ولكل قضاء قدر ، ولكل قدر أجل ، ولكل أجل كتاب ( يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (٢). ثمّ إن الله تعالىٰ أمرني أن اُزوّج فاطمة من علي بن أبي طالب ، فاشهدوا أني
_____________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٥٤.
(٢) سورة الرعد : ١٣ / ٣٩.