ينبغي » له ظهور جلي في كون المطلب أمرا ارتكازيا ، ومن الواضح انّ المرتكز في أذهان العقلاء هو الاستصحاب دون قاعدة اليقين ، فإنّ العقلاء لا يبنون على الأخذ باليقين بعد تزلزله وزواله بالشكّ.
ب ـ ان التعبير الوارد في كلتا الفقرتين الثالثة والسادسة واحد وهو « ليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشكّ » ، وحيث أثبتنا سابقا أنّ المقصود من التعبير المذكور في الفقرة الثالثة هو الاستصحاب دون قاعدة اليقين فيثبت أنّ المقصود منه في الفقرة السادسة ذلك أيضا بقرينة وحدة سياق مجموع الرواية.
هذا كلّه لو كان المقصود هو الأوّل.
وأمّا لو كان المقصود هو الثاني ، أي كان المقصود من قوله : « وإن لم تشك » حالة الذهول فدلالة الرواية على حجّية الاستصحاب أوضح لأنّ المورد لا يكون قابلا لقاعدة اليقين بل يختص بالاستصحاب.
أمّا عدم جريان قاعدة اليقين فلعدم وجود يقين سابق قبل الصلاة يمكن تزلزله برؤية الدم أثناء الصلاة ، إذ المفروض انّ قوله : « وإن لم تشكّ » لم يرد به اليقين بعدم النجاسة.
وأمّا جريان الاستصحاب فلتوفر أركانه ، إذ حين شراء الثوب من بائع الأقمشة مثلا كان لزرارة يقين بطهارته وعدم وجود قطعة الدم فيه فإذا رأى الدم أثناء الصلاة وشكّ في سبقه جرى استصحاب الطهارة الثابتة حين شراء الثوب ، فإن اليقين المذكور لا يقبل التزلزل برؤية الدم أثناء الصلاة.
وبهذا كلّه يتّضح تمامية دلالة صحيحة زرارة الثانية بكلا مقطعيها الثالث والسادس على حجّية الاستصحاب.