ورابعة باعتباره كاشفا عن دليل شرعي ؛ لأنّ المجمعين لا يفتون عادة إلا بدليل ، فيستكشف بالإجماع وجود الدليل الشرعي على الحكم الشرعي.
الرابع : أن يكون مستند الإجماع هو الحدس والاستنتاج القائمين على الاستقراء وتتبّع فتوى العلماء ، فإنّه إذا كانت فتوى العلماء واحدة استنتج من ذلك وجود مدرك شرعي استدلّ به على هذا الحكم الشرعي ؛ لأنّ العلماء لا يفتون إلا إذا كان هناك دليل شرعي يستندون عليه بحسب العادة والغالب ، وإن كان يحتمل استنادهم في فتواهم على دليل عقلي مثلا إلا أنّ الأغلب والأكثر هو استنادهم على دليل شرعي.
وهذا أيضا معناه أنّ الإجماع يستكشف منه بطريق الإنّ وجود الدليل الشرعي وليس هو دليلا شرعيّا بنفسه ، إلا أنّ هذا الدليل الشرعي المستكشف من الإجماع هنا ليس رواية وحديثا لفظيّا ، وإنّما هو بناء عقلائي أو متشرّعي كان مرتكزا في الأذهان على أساس عمل المعصوم أو سكوته مثلا ، وإلا لنقل لنا ذلك المستند اللفظي ولكان الاستدلال به أولى.
ويقوم هذا المسلك على أساس حساب الاحتمالات كما سيأتي توضيحه ، وهو المسلك الصحيح المختار.
والفارق بين الأساس الرابع لحجّيّة الإجماع والأسس الثلاثة الأولى ، أنّ الإجماع على الأسس الأولى يكشف عن الحكم الشرعي مباشرة ، وأمّا على الأساس الرابع فيكشف عن وجود الدليل الشرعي على الحكم.
والفارق بين هذه المستندات أنّه بناء على الأسس الثلاثة لحجّيّة الإجماع يكون الاجماع بنفسه حجّة شرعا يستدلّ به على الحكم الشرعي ، فهو في نفسه دليل يعتمد عليه لاستنباط الحكم الشرعي ، غاية الأمر أنّ حجّيّته تارة تكون بحكم العقل وأخرى بحكم الشارع ، لكنّه على كلّ حال دليل وعلّة يستكشف بها الحكم الشرعي المعلول له ، فهو طريق للاستدلال من العلّة إلى المعلول.
وأمّا بناء على الأساس الرابع فإنّ الإجماع في نفسه ليس دليلا شرعيّا على الحكم ، وإنّما هو طريق يستكشف من خلال وجود الدليل الشرعي على الحكم فيكون كاشفا عن الدليل ، والدليل هو الكاشف عن الحكم.
وهذا معناه أنّ الإجماع إنّما يكون معلولا لوجود الدليل الشرعي ، إذ لو لا وجود