الفاسق وإثباتها لخبر العادل ، وأمّا أنّ هذه الطريقية هل هي حجّة ومعتبرة شرعا أم لا؟ فهذا لا يستفاد من الآية لوحدها.
ولا يمكن أن يكون الأمر بالتبيّن غيريّا ، لأنّه يعني أنّ خبر العادل لا يجب التبيّن فيه ؛ لأنّه ليس فيه إصابة بالجهالة والسفاهة ، بخلاف خبر الفاسق ، إلا أنّ الوجوب الغيري يحتاج إلى أن يكون هناك وجوب نفسي أيضا ليكون التبيّن مقدّمة له ، وهذا غير موجود في الآية.
فيبقى هناك احتمالان في تفسير الأمر بالتبيّن ، هما :
لأنّ الأمر بالتبيّن الثابت في منطوق الآية ، إما أن يكون إرشادا إلى عدم الحجيّة ، وإمّا أن يكون إرشادا إلى كون التبيّن شرطا في جواز العمل بخبر الفاسق وهو ما يسمّى بالوجوب الشرطي ، كما تقدّم في مباحث الأمر.
إذا فالاستدلال بمفهوم الشرط في الآية متوقف على أحد هذين التفسيرين لوجوب التبيّن والأمر به ، وهما :
الأول : أن يكون الأمر بالتبيّن إرشادا إلى عدم الحجيّة ، بمعنى أنّ خبر الفاسق ليس حجّة ، ولذلك أمر الشارع بلزوم التبيّن إرشادا إلى هذا الأمر ، فلا يكون المقصود من الأمر هنا معناه الموضوع له لغة أي الوجوب ، بل أريد به الإرشاد إلى حكم وضعي وهو الحجيّة وعدمها ، فخبر الفاسق ليس حجّة بينما خبر العادل حجّة.
الثاني : أن يكون الأمر بالتبيّن إرشادا إلى أنّه شرط في جواز العمل بخبر الفاسق ، فإذا أريد العمل بخبر الفاسق يجب التبيّن والفحص ، فيكون الأمر بالتبيّن شرطا لجواز العمل في خبر الفاسق ، بينما جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطا بالتبيّن.
والأوّل هو مختار السيّد الشهيد ؛ لأنّ هذا اللسان يستفاد منه الإرشاد إلى الحجيّة وعدمها ، كغيره من الألسنة التي تدلّ عليها.
والثاني مختار الشيخ الانصاري.
فعلى الأوّل : يكون نفيه بعينه معناه الحجيّة.
أمّا على التفسير الأوّل من أنّ الأمر بالتبيّن بالنسبة لخبر الفاسق إرشاد إلى عدم الحجيّة ، فيكون انتفاء الأمر بالتبيّن عند عدم مجيء الفاسق بالنبإ معناه إثبات الحجيّة وبهذا يثبت أنّ خبر العادل حجّة لأنّه لا يجب التبيّن عنه ، ولا نحتاج إلى ضمّ تلك