المقدّمة من أنّه يلزم من عدم حجيّته كونه أسوأ حالا من خبر الفاسق ، وذلك لأنّ نفي الأمر بالتبيّن بنفسه يساوق الحجيّة لأنّه أحد ألسنتها.
وعلى الثاني ـ يعني نفيه ـ : أنّ جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطا بالتبيّن ، وهذا بذاته يلائم جواز العمل به بدون تبيّن ـ وهو معنى الحجيّة ـ ويلائم عدم جواز العمل به حتّى مع التبيّن ، لأنّ الشرطيّة منتفية في كلتا الحالتين ، ولكن الثاني غير محتمل لأنّه يجعل خبر العادل أسوأ من خبر الفاسق ، ولأنّه يوجب المنع عن العمل بالدليل القطعي نظرا إلى أنّ الخبر بعد تبيّن صدقه يكون قطعيّا ، فيتعيّن الأوّل ، وهو المطلوب.
وأمّا على التفسير الثاني للأمر بالتبيّن من كونه وجوبا شرطيا لجواز العمل فيكون المنطوق مفاده أنّه يشترط التبيّن فيما إذا كان الفاسق قد جاء بنبإ ، والمفهوم هو أنّه لا يشترط التبيّن فيما إذا جاء العادل بالنبإ فخبر العادل لا يشترط التبيّن فيه.
ثمّ إنّ نفي اشتراط التبيّن عن خبر العادل يحتمل فيه أمران :
١ ـ أن يكون خبر العادل حجّة ولذلك لا يشترط التبيّن عنه ، فيكون لازم نفي التبيّن إثبات الحجيّة. وعليه ، فيجوز العمل بخبر العادل من دون تبيّن ، بخلاف خبر الفاسق فلا يجوز العمل به إلا بعد التبيّن.
٢ ـ أن يكون المراد أن خبر العادل لا يجوز العمل به سواء تبيّن أم لا ، فيكون جواز العمل بخبر العادل ليس مشروطا بالتبيّن ، بل إنّه سواء كان هناك تبيّن أم لم يكن فلا يجوز العمل بخبره ، وهذا لازمه عدم حجيّة خبر العادل مطلقا سواء تبيّن عنه أم لا.
وكلا هذين الاحتمالين ممكن نظريّا ، لأنّ الشرطيّة منتفية فيهما ، فإنّ عدم الأمر بالتبيّن كما يصدق على كونه حجّة كذلك يصدق على كونه ليس حجّة ، فإنّ كان حجّة فلا يجب التبيّن عنه ، وإن لم يكن حجّة لا يجب التبيّن عنه أيضا ، فسواء تبيّن أم لا فهو حجّة على الأوّل ، وسواء تبيّن أم لا فهو ليس حجّة على الثاني فكما لا يضر التبيّن وعدمه بناء على حجيّته كذلك لا يفيد التبيّن وعدمه بناء على نفي الحجيّة عنه.
إلا أنّ الاحتمال الأوّل هو المتعيّن بحسب الفهم العرفي دون الثاني ؛ وذلك لأنّه على الاحتمال الثاني يكون خبر العادل أسوأ حالا من خبر الفاسق وهذا غير محتمل عقلائيّا ، فإنّ العقلاء إما أن يعتبروا خبر العادل أحسن حالا من خبر الفاسق أو على