الأقلّ فهو مساو له ، ولا يتعقلون كونه أقل شأنا منه ، فإذا كان خبر الفاسق يجب التبيّن فيه ثمّ بعد ذلك يجوز العمل به ، فلا بد أن يكون خبر العادل مثله أو أحسن ، بأن يجوز العمل به بعد التبيّن أو يجب العمل به من دون تبيّن لا أنّه يجب طرحه وأنّه لا يجوز العمل به حتّى مع التبيّن ، وهذا ما يسمّى بدليل الأسوئيّة.
وثانيا : لو كان المراد أنّ خبر العادل لا يجوز العمل به سواء تبيّن عنه أم لا ، كان لازمه المنع عن العمل بالدليل القطعي ، وهو واضح البطلان ، لأنّ القطع لا يعقل المنع عن العمل به.
والوجه في ذلك أنّه بعد التبيّن عن خبر العادل قد يثبت لنا صدقه أو كذبه ، فإذا ثبت صدقه صار دليلا قطعيّا لإفادته العلم واليقين فكيف لا يجوز العمل به والحال هذه؟! ولذلك لا يعقل هذا التفسير ، فيتعين الاحتمال الأوّل ، وبه يتمّ الاستدلال بالآية على حجيّة خبر العادل الذي هو أحد أقسام خبر الواحد فثبت أنّ خبر الواحد يجوز العمل به وإن لم يفد العلم ، وذلك لجعل الحجيّة له شرعا.
ويوجد اعتراضان مهمّان على الاستدلال بمفهوم الشرط في المقام :
أحدهما : أنّ الشرط في الجملة مسوق لتحقق الموضوع ، وفي مثل ذلك لا يثبت للجملة الشرطيّة مفهوم.
ثمّ إنّه قد وجّهت لهذا الاستدلال عدة اعتراضات أهمها اثنان ، ذكرهما الشيخ في الرسائل ، هما :
الاعتراض الأوّل : أنّ الجملة الشرطيّة إنّما يصحّ الاستدلال بمفهومها فيما إذا لم تكن مسوقة لتحقق الموضوع ، وإلا فتكون جملة شرطية بظاهرها ولكن روحها وجوهرها الجملة الحملية التي لا مفهوم لها أصلا ليصح الاستدلال به.
وهنا الجملة الشرطيّة في الآية مسوقة لتحقق الموضوع ؛ وذلك لأنّ الشرط فيها هو مجيء الفاسق بالنبإ ، والجزاء هو وجوب التبيّن والموضوع هو نبأ الفاسق ، وعلى هذا يكون الشرط والموضوع متحدين لأنّ نبأ الفاسق الذي هو الموضوع لا يتحقّق إلا إذا جاء به الفاسق الذي هو الشرط ، فكان الشرط تعبيرا آخر عن الموضوع ، وليس شيئا زائدا عليه ، فلو لا الشرط لما تحقّق الموضوع لأنّ نبأ الفاسق لا يمكن أن يتحقّق إلا إذا جاء به الفاسق دون غيره ، فتكون هذه الجملة بقوّة قولنا : ( تبيّن نبأ الفاسق عند