إذا قدم الكوفة فليرو هذا الحديث وهو : « من قال لا إله إلا الله مخلصا وجبت له الجنّة ».
فإنّ الأمر بنقله لهذا الحديث سواء باللفظ أو بالمعنى أو بكليهما معناه أنّه يجب على الناس المستمعين والمنقول إليهم هذا الحديث أن يقبلوه ويعملوا به ويصدّقوه في إخباره ونقله ؛ إذ لو كان القبول غير واجب عليهم لكان أمره بالنقل لغوا ، فلكي يكون كلام الإمام وأمره وجيها لزم القول بحجيّة قول أبان مطلقا ، أي سواء أفاد العلم أم لا ، وهذا هو معنى الحجيّة التعبديّة.
وفيه : أنّه يكفي لدفع محذور اللغوية وتوجيه كلام الإمام أن يكون إخبار أبان يوجب العلم أو الاطمئنان أو الوثوق بصدقه وأنّ ما ينقله صادر عنهم أو كان يساهم في حصول العلم ، فلا يكون التصديق والعمل والاتباع واجبا على المستمعين مطلقا ، وإنّما إذا أفادهم العلم ونحوه فقط ، ويكون أمره بالنقل مطلقا من أجل الحفاظ على هذا الأمر الواقعي.
فلا دلالة في هذا اللسان على الحجيّة التعبديّة إلا على القول بالملازمة التي لا نسلّم بها.
الطائفة الرابعة : ما دلّ على أن انتفاع السامع بالرواية
قد يكون أكثر من انتفاع الراوي ، من قبيل قولهم : « فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ».
ونلاحظ أنّ هذه الطائفة ليست في مقام بيان أنّ النقل يثبت المنقول للسامع تعبدا ، وإلا لكان الناقل دائما من هذه الناحية أفضل حالا من السامع ؛ لأنّ الثبوت لديه وجداني ، بل هي بعد افتراض ثبوت المنقول تريد أن توضح أنّ المهم ليس حفظ الألفاظ بل إدراك المعاني واستيعابها ، وفي ذلك قد يتفوّق السامع على الناقل.
الطائفة الرابعة : من الأخبار ما ورد بلسان أنّ السامع للحديث قد يكون انتفاعه به أكثر من الراوي الناقل له ، من قبيل النبوي المشهور : « ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ».
والاستدلال بها على أساس أنّ الراوي والناقل إذا لم يكن خبره حجّة على السامع المنقول إليه مطلقا فكيف يصير أفقه منه.