تترتب على هذا الخبر ، وإلا لم يكن هناك فائدة في لزوم التعبد بمثل هذا الخبر ما دام يحكي عن آثار ولوازم ليس للجاعل حق التدخل فيها سلبا أو إيجابا.
ثمّ إنّ الحجيّة المجعولة شرعا متأخّرة رتبة عن الخبر وعن افتراض الأثر الشرعي أيضا.
أمّا تأخر الحجيّة عن الخبر فلأنّ المفروض أنّ الخبر بمثابة الموضوع للحجيّة ، والموضوع متقدم على حكمه ولو رتبة ، بمعنى أنّه يثبت الموضوع أوّلا ثمّ يثبت الحكم ثانيا ، فالحكم متأخر عن موضوعه دائما ، والحجيّة بما أنّها حكم موضوعه الخبر فيجب تأخرها عنه تأخر الحكم عن موضوعه ؛ إذ لا يعقل تقدّم الحكم على الموضوع ، لأنّه يكون حكما على شيء مجهول أو غير موجود ، وكلاهما باطل.
وأمّا تأخر الحجيّة عن افتراض الأثر الشرعي ، فلأن المفروض أنّ الأثر شرط لهذه الحجيّة وهي مشروطة به.
ومن الواضح أنّ الشرط يثبت أوّلا ثمّ يثبت المشروط ، ولا يعقل أن يثبت المشروط ثمّ بعد ذلك يثبت شرطه ؛ إذ هو مخالف لطبيعة العلاقة التكوينيّة والسببية بين الشرط ومشروطه ، فما دامت الحجيّة مشروطة بوجود الأثر في الخبر المراد التعبد بحجيّته فلا بد من افتراض وجود هذا الأثر أوّلا ليكون الخبر حجّة. نعم ، تحقّق الأثر في الخارج يكون بعد الالتزام والعمل والتعبد بالخبر ، إلا أن الكلام في أصل جعل الحجيّة في عالم التصوّر والثبوت فلا بد حينئذ من تصوّر هذا الأثر لتجعل الحجيّة بعد ذلك.
وعلى هذا الأساس قد يستشكل في شمول دليل الحجيّة للخبر مع الواسطة ، وتوضيح ذلك :
إنا إذا سمعنا زرارة ينقل عن الإمام أنّ السورة واجبة ، أمكننا التمسّك بدليل الحجيّة بدون شكّ ، لأنّ كلا الركنين ثابت ، فإنّ خبر زرارة ثابت لدينا وجدانا بحسب الفرض ، ومدلوله ذو أثر شرعي لأنّه يتحدث عن وجوب السورة ، وأمّا إذا نقل شخص عن زرارة الكلام المذكور فقد يتبادر إلى الذهن أنّنا نتمسّك بدليل الحجيّة أيضا ، وذلك بتطبيقه على الشخص الناقل عن زرارة أوّلا ، فإنّ إخباره ثابت لنا وجدانا وعن طريق حجيّته ثبت لدينا خبر زرارة كما لو كنّا سمعنا منه ، وحينئذ نطبّق دليل الحجيّة على خبر زرارة لإثبات كلام الإمام.