وهذا هو معنى التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة.
الإجابة الأولى : أن يقال بجواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة ، وذلك لوجود المقتضي وفقدان المانع.
وبيانه : أمّا المقتضي فهو أنّ هذا الفرد المشكوك فسقه في الخارج يعلم قطعا بأنّه مصداق للعامّ ؛ وذلك للعلم القطعي بأنّه فقير ، وما دام محرز الفقر فيشمله العامّ ؛ لأنّ العامّ مفاده وجوب إكرام كلّ فرد فرد من أفراد الفقير ، فيكون المقتضي لوجوب إكرامه موجودا ومحرزا وهو كونه فقيرا.
وأمّا المانع فهو مفقود ؛ وذلك لأنّ المانع من تأثير المقتضي إنّما هو وجود المخصّص ، والمفروض أنّ المخصّص ينطبق على كلّ فرد يحرز ويعلم بأنّه فاسق ؛ لأنّه أخرج من العامّ الفساق من الفقراء ، فكلّ فرد من أفراد الفقير إذا كان فاسقا فلا يجوز إكرامه ؛ لأنّ الفسق يمنع من تأثير المقتضي للإكرام.
وأمّا هنا فالمانع لا يعلم بوجوده في هذا الفرد مع كون المقتضي معلوم الوجود ، فحينئذ لن يكون هناك أيّ مانع من تأثير المقتضي وشمول وجوب الإكرام لهذا الفرد.
وبتعبير آخر : إنّنا نحرز شمول العامّ لهذا الفرد باعتباره فقيرا ؛ لأنّ دليل العامّ منصبّ على عنوان الفقير بحيث يكون كلّ فرد فرد له حكم بوجوب الإكرام ، ونحرز أيضا بأنّ عنوان الخاصّ لا يشمل هذا الفرد جزما ؛ لأنّنا نشكّ في كونه فاسقا أو لا ، فلا نعلم بشمول الخاصّ له ، وحينئذ نطبّق القاعدة القائلة بأنّ كلّ دلالة محرزة لا يرفع اليد عنها إلا بدلالة محرزة أخرى على خلافها ، بحيث تكون أقوى منها ، وهنا الدلالة المحرزة هي دلالة العامّ والدلالة غير المحرزة هي دلالة الخاصّ ، فلا نرفع اليد عن دلالة العامّ ، وهذا هو المطلوب.
فيثبت جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة بمعنى بقاء العامّ على عمومه بالنسبة للمصداق المشكوك (١).
__________________
(١) وهنا قد يشكل بناء على مسلك الميرزا من تصوير حكومة الخاصّ على العامّ ؛ لأنّه في الفرد المشكوك سوف يشكّ في شمول دليل العامّ له لو كان غير فاسق ، وفي شمول دليل الخاصّ له لو كان فاسقا ، وترجيح أحدهما على الآخر بلا مرجّح.