لندرة أو لعدم وجود القطع الموضوعي في حياة العقلاء ، ممّا يعني أنّه إمّا غير موجود أصلا أو أنّ ما هو موجود منه ليس بذاك المقدار الذي يؤدّي إلى كونه من المرتكزات والبناءات العقليّة لندرته جدّا.
وما دام كذلك فلا يثبت النظر في دليل حجّيّة الأمارة إلى دليل حجّيّة الأصل ، ومع عدم إثبات النظر لا يمكن دعوى الحكومة.
ولا يقال : إنّنا نثبت النظر على أساس إمضاء الشارع للسيرة العقلائيّة ، فإنّ السيرة وإن لم تكن ناظرة إلى قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي ، إلا أنّ الإمضاء الشرعي لها من خلال السكوت وعدم الردع عنها يكشف لنا أنّ الأمارة حجّة ومعتبرة شرعا ، والإمضاء لا يتحدّد بحسب الموقف العملي العقلائي فحسب ، بل يتعدّاه ليشمل حتّى ما لم تقم عليه السيرة أيضا ، وهو القطع الموضوعي ، وبالتالي تثبت الحكومة لاستكشاف النظر من خلال الإمضاء للسيرة العقلائيّة على العمل بالأمارة ، ممّا يعني جواز العمل بالأمارة شرعا لا في حدود ما قامت عليه بالفعل بل للأوسع من ذلك.
فإنّه يجاب بأنّ الإمضاء الشرعي المستكشف بالسكوت وعدم الردع وإن كان لا يتحدّد بحدود ما قامت عليه السيرة العقلائيّة بالفعل ، ولكنّه إنّما يتّجه لإمضاء المرتكز والبناء العقلائي الذي على أساسه انعقدت سيرتهم على العمل بالأمارة ، وهذا المرتكز والبناء العقلائي ثبت أنّه قائم على أساس القطع الطريقي ؛ لأنّه هو المتعارف لدى العقلاء.
وأمّا القطع الموضوعي فهو لمّا لم يكن متعارفا بينهم فيعتبر حالة جديدة ، ممّا يعني أنّه لا يوجد لديهم أيّ موقف ولا بناء ولا ارتكاز بالنسبة لهذه الظاهرة الجديدة ، ولا يمكن استكشاف حكمها من خلال بنائهم على العمل بالقطع الطريقي ؛ لأنّه قياس محض ، ولأنّه يعني أنّ البناءات العقلائيّة عبارة عن تعبّدات محضة وهذا لا يمكن المصير إليه ؛ إذ البناءات العقلائيّة إنّما يؤخذ بها لكونها كاشفة عن المرتكزات والبناءات لا لمجرّد التعبّد المحض ، أو قياس هذا الأمر على غيره.
ولذلك يكون الإمضاء للسيرة متحدّدا بمقدار المرتكز والبناء العقلائي وهو ليس بأكثر من القطع الطريقي.
وأمّا سيرة المتشرّعة : فعدم إحراز النظر فيها من جهة أنّ سيرة المتديّنين من