ويفترق الاستصحاب في موارد عدم وجود الأمارة ، وتفترق الأمارة عن الاستصحاب في موارد عدم الحالة السابقة أو توارد الحالتين.
وهنا إذا قلنا بتقديم الاستصحاب في موارد اجتماعه مع خبر الثقة كان بحكم الإلغاء أيضا ؛ لأنّه يعني تخصيص الخبر في موارد عدم الحالة السابقة أو توارد الحالتين ، وهذان الأمران نادرا الوقوع والتحقّق ، بينما لو قدّمنا الأمارة على الاستصحاب فهذا معناه جريان الاستصحاب في الموارد التي لا يوجد فيها أمارة على الخلاف وهي كثيرة جدّا.
وهكذا الحال فيما إذا لاحظنا خبر الثقة مع الاحتياط مثلا ، فإنّه يجري فيه ما قيل في البراءة سابقا.
وكذلك إذا لاحظنا خبر الثقة مع أصالة الطهارة أو الحلّيّة ، فإنّه لا وجه لتخصيص خبر الثقة في غير موارد الطهارة أو النجاسة أو في غير موارد الحلّيّة والحرمة ؛ لعدم الفرق في ذلك في دليل الحجّيّة الذي هو السيرة العقلائيّة فإنّهم يأخذون بالخبر في جميع الموارد ولا يخصّصونه بغير هذه الموارد ، ممّا يعني أنّه في موارد التعارض يؤخذ بالخبر دون القاعدتين ، ويحكم بتخصيصهما في غير موارد ثبوت الخبر على الخلاف فيهما.
وبهذا يظهر أنّ النكتة الفنيّة والصناعيّة لتقديم الأمارة على الأصل هي القرينيّة النوعيّة ، أي الأخصّيّة بمعنى وجود ملاك الأخصّيّة وهو اللغويّة ، أو يقال بالنصّيّة كما تقدّم.
ولا نحتاج هنا إلى إثبات قيام الأمارة مقام القطع الموضوعي ، فإنّها حتّى لو لم تقم مقامه فإنّها تتقدّم على الأصل ؛ لأنّ القرينيّة العامّة النوعيّة لا تتوقّف على النظر ، ونحن إنّما نحتاج إلى إثبات قيامها مقام القطع الموضوعي لأجل إثبات النظر فمع انتفاء الحاجة إليه لا نحتاج لذلك أيضا.
٦ ـ إذا تعارض أصل سببي وأصل مسبّبي كان الأصل السببي مقدّما ، ولهذا يجري استصحاب طهارة الماء الذي يغسل به الثوب المتنجّس ولا يعارض باستصحاب نجاسة الثوب المغسول.
وقد فسّر ذلك على أساس الحكومة ؛ لأنّ استصحاب نجاسة الثوب في المثال