الدعاء عند رؤية الهلال ) ، وقيل : ( يكره الدعاء عند رؤية الهلال ) ، فإنّه لا إلزام فيهما معا ؛ لأنّه يجوز الترك كما يجوز الفعل أيضا.
٣ ـ أن يكون مفادهما إثبات حكم إلزامي ، كما إذا قيل : ( يجب الدعاء عند رؤية الهلال ) ، وقيل : ( يحرم الدعاء عند رؤية الهلال ) ، أو قيل : ( تجب صلاة الجمعة يوم الجمعة ) ، وقيل : ( تجب صلاة الظهر يوم الجمعة ).
وسوف نتحدّث عن كلّ واحد من هذه الأقسام لنرى أنّ دليل الحجّيّة هل بالإمكان شموله للدليلين المتعارضين أو لا؟
ففي الحالة الأولى يستحيل شمول دليل الحجّيّة لهما ؛ لأنّه يؤدّي إلى تنجيز حكم إلزاميّ والتعذير عنه في وقت واحد.
أمّا الحالة الأولى : وهي ما إذا كان التعارض بين الدليلين على أساس النفي والإثبات ، فأحدهما يثبت الحكم والآخر ينفيه ، فهنا لا إشكال في عدم معقوليّة شمول دليل الحجّيّة لهما ؛ لأنّ شموله لهما يعني التعبّد بمفادهما والأخذ به ، وهذا يعني فرض اجتماع ثبوت الحكم وانتفائه ، أو تنجيز الحكم والتعذير عنه في نفس الوقت ، وهو مستحيل ؛ لأنّه من اجتماع النقيضين أو الضدّين على موضوع واحد.
وفي الحالة الثانية يستحيل الشمول ؛ لأدائه ـ مع العلم بمخالفة أحد الترخيصين للواقع ـ إلى الترخيص في المخالفة القطعيّة لذلك الواقع المعلوم إجمالا.
وأمّا الحالة الثانية : وهي ما إذا كان مفادهما إثبات حكم ترخيصي.
فهنا تارة يعلم من الخارج بكذب أحد الترخيصين إجمالا ، وأخرى لا يعلم بكذب أحدهما كذلك.
فإن علم بكذب أحدهما إجمالا كما إذا قيل : ( لا تجب صلاة الجمعة يوم الجمعة ) ، وقيل : ( لا تجب صلاة الظهر يوم الجمعة ) فهنا نعلم بكذب أحدهما ؛ لأنّ إحدى الصلاتين واجبة يوم الجمعة لا محالة ؛ لأنّه توجد خمس صلوات في اليوم والليلة.
وعليه ، فشمول دليل الحجّيّة لهما لا يعقل ؛ لأنّه يؤدّي إلى مخالفة الواقع المعلوم إجمالا ؛ لأنّ المكلّف إذا ترك صلاة الظهر وصلاة الجمعة سوف يعلم بأنّه خالف الواقع قطعا ، إمّا لمخالفته التكليف بوجوب الظهر أو التكليف بوجوب الجمعة.