مضمون مخالف له ، وأخرى لا يكون موافقا من جهة أنّه لا يوجد في الكتاب مضمون كالمضمون الذي يتحدّث عنه الخبر أصلا.
فإن كان غير موافق من جهة وجود مضمون مخالف له في الكتاب ، فهذا معناه عدم الموافقة من باب السالبة بانتفاء المحمول ؛ لأنّ الحكم الموجود في الكتاب على المضمون الذي يحكيه الخبر مخالف للحكم الذي يثبته الخبر المخالف لمضمونه ، فالموضوع فيهما مشترك ولكن كلّ واحد منهما يثبت له حكما يختلف بمضمونه عن الحكم الذي يثبته الآخر.
وإن كان غير موافق للكتاب من جهة عدم وجود مضمونه في الكتاب أصلا ، فهذا معناه عدم الموافقة من باب السالبة بانتفاء الموضوع ، أي أنّ الخبر لم يوافق الكتاب ؛ لأنّ موضوعه ومضمونه غير موجود في الكتاب أصلا.
والروايات الواردة هنا ظاهرها الأوّل لا الثاني ، أي أنّها تنفي صدور الخبر غير الموافق للكتاب بنحو يكون هناك تخالف بينهما في المضمون مع وحدة الموضوع فيهما ؛ لأنّ لسان الاستنكار يتناسب عرفا مع هذا.
وأمّا مجرّد عدم تطرّق القرآن للحديث عن مضمون هذا الخبر فهذا لا يتناسب مع الاستنكار المذكور والتحاشي عن قوله ؛ لأنّه قد صدر منهم ذلك كثيرا.
وأمّا الإشكال الثالث ، فجوابه : أنّنا نسلّم صدور المقيّدات والمخصّصات منهم عليهمالسلام ، إلا أنّ هذا لا يلزم منه حمل الروايات الدالّة على نفي الحجّيّة عن الخبر المخالف ما إذا كان واردا في أصول الدين ؛ وذلك لأنّنا يمكننا حمل ذلك على ما إذا كانت المخالفة بينهما أو عدم الموافقة بنحو التباين الكلّي بحيث لا يمكن الجمع العرفي بينهما ، بأن كان الأخذ بالخبر المخالف موجبا لرفع اليد عن الدليل القرآني رأسا وإلغائه عن مفاده تماما.
والدليل على صحّة هذا الحمل الثاني أنّ الاستنكار نفسه يعتبر قرينة عرفيّة على ذلك ، إذ ما دام قد ثبت صدور الخبر المخالف عنهم الموجب للتخصيص أو التقييد ، فيكون نفي صدور الخبر المخالف هو الخبر الذي لا يمكن الجمع العرفي بينه وبين الدليل القرآني بأن كان موجبا لإلغائه ورفع اليد عنه رأسا وبتمام مدلوله. فإنّ مثل هذا الخبر يتحاشى صدوره منهم ، ويكون الخبر المثبت لصدوره مستنكرا ومستهجنا.