وهذا السياق يتناسب مع مطلق المخالفة للكتاب ، سواء كانت ملغية للدلالة القرآنيّة رأسا بأن كانت المخالفة بنحو التباين الكلّي أو كانت ملغية لبعض هذه الدلالة كما إذا كانت المخالفة بينهما بنحو العموم من وجه في مادّة الاجتماع.
ومن هنا كانت هذه المجموعة أوسع وأشمل من المجموعة الأولى ، بل ومن المجموعة الثانية أيضا ؛ لأنّها لم تشترط وجود الشاهد القرآني كشرط للحجّيّة بل يكفي الموافقة وعدم المخالفة.
ثمّ إنّ هذه المجموعة لو تمّت دلالتها لكانت ناظرة إلى القسم الأوّل المتعلّق بحالات التعارض بين الدليل القطعي السند والدليل الظنّي السند ، وموجبة لرفع اليد عن حجّيّة الدليل الظنّي في هذه الصورة ؛ لأنّه يكون مخالفا للكتاب حينئذ ، فيخرج المورد عن مقتضى القاعدة الأوّليّة وهي التساقط إلى التقديم والترجيح.
وقد يعترض على ذلك باعتراضين :
الأوّل : أنّ هذه المجموعة لا تختصّ بأخبار الآحاد ، بل تشمل كلّ أمارة تؤدّي إلى مخالفة الكتاب ، فلا تكون أخصّ مطلقا من دليل حجّيّة الخبر ، بل قد تكون النسبة هي العموم من وجه.
الاعتراض الأوّل : أنّ موضوع هذه المجموعة من الروايات هو ( ما وافق كتاب الله وما خالف كتاب الله ) ، وهذا الموضوع لا يختصّ بأخبار الثقات ، بل يشمل كلّ الأمارات الظنّيّة من الشهرة وغيرها ، وحينئذ يكون مفادها أنّ كلّ أمارة توافق كتاب الله فيؤخذ بها وكلّ أمارة تخالف كتاب الله فلا يؤخذ بها ، والأمارة كما تشمل خبر الثقة تشمل الشهرة أيضا.
وعليه فالنسبة بين هذه الروايات والروايات الدالّة على الحجّيّة هي العموم من الوجه لا العموم والخصوص المطلق ؛ لأنّ موضوع هذه الروايات كلّ أمارة سواء كانت خبرا أو شهرة ، بينما موضوع دليل الحجّيّة هو كلّ خبر سواء كان موافقا أم مخالفا ، فيجتمعان في الخبر المخالف ويفترقان في الشهرة ، فإنّها ليست مشمولة لدليل حجّيّة السند ؛ لأنّه مختصّ بالأخبار ، وفي الخبر الموافق فإنّه خبر ولكنّه ليس بمخالف للكتاب.
ولذلك يقع التعارض بينهما في مادّة الاجتماع ويحكم بتساقطهما فيه ، ولا وجه