بمعنى أنّ الخبر المخالف بنحو التقييد والتخصيص ونحوهما من موارد الجمع العرفي خارج عن إطلاقها النافي للحجّيّة ؛ وذلك لما ورد في بعض الأخبار العلاجيّة من عرض الحديثين المتعارضين على الكتاب أوّلا والأخذ بالموافق وترك المخالف ، ثمّ عرضهما على أخبار العامّة في حالة مخالفتهما معا للكتاب. كما ورد ذلك في رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليهالسلام.
فإنّ المستفاد من هذه الرواية أنّ مقتضي الحجّيّة لا يزال موجودا في الخبرين المتعارضين المخالفين للكتاب ، ممّا يعني أنّ مخالفة الخبر للكتاب لا تسلب الحجّيّة عنه ، وهذا معناه أنّ الإمام عليهالسلام بصدد علاج مشكلة التعارض بينهما ممّا يعني التسليم مسبقا بحجّيّتهما لو لا المعارضة ، والمفروض أنّهما مخالفان للكتاب ومع ذلك افترض أنّ هذه المخالفة غير قادحة في الحجّيّة لو لا المعارضة.
والحاصل : أنّ مثل رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله تثبت حجّيّة الخبر المخالف للكتاب وليس هناك أيّ مانع من العمل بالخبر سوى المعارضة مع الخبر الآخر ، وأمّا مجرّد مخالفته للكتاب فليست بنفسها مانعا بحيث تسلب الحجّيّة عنه.
وعليه فتكون هذه الرواية ونحوها معارضة للروايات الدالّة على طرح الخبر المخالف ، إلا أنّ هذه المعارضة ليست مستقرّة ؛ لأنّه يوجد جمع عرفي بينهما ولذلك نقول :
نعم ، لا يوجد فيه إطلاق يشمل جميع أقسام الخبر المخالف مع الكتاب ؛ لأنّه ليس في مقام بيان هذه الحيثيّة ليتمّ فيه الإطلاق ، فلا بدّ من الاقتصار على المتيقّن من مفاده وهو مورد القرينيّة.
بقي شيء وهو أنّ رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله يستفاد منها حجّيّة الخبر المخالف للكتاب في نفسه لو لا المعارضة مع غيره كما ذكرنا ، وهذا بدوا يشمل جميع أقسام المخالفة للكتاب سواء كانت بنحو التباين والعموم من وجه أم كانت بنحو التقييد والتخصيص ونحوهما من أنواع القرينيّة ، ولذلك لا يمكن التخصيص بهذه الرواية لتلك الروايات ؛ لأنّ النسبة بينهما هي التباين الكلّي فيحكم بالتعارض والتساقط.
إلا أنّه يمكننا الجزم بعدم وجود الإطلاق في رواية عبد الرحمن المتقدّمة ؛ لأنّها