التخصيص
إذا ورد عامّ ـ يدلّ على العموم بالأداة ـ وخاصّ ، جرت نفس الأحكام السابقة للمقيّد هنا أيضا ؛ لأنّ هذا الخاصّ تارة يكون ناظرا إلى العامّ ، وأخرى يكون متكفّلا لإثبات سنخ حكم العامّ ولكن في دائرة أخصّ ، كما إذا قيل : ( أكرم كلّ فقير ) وقيل : ( أكرم الفقير العادل ) ، وثالثة يكون الخاصّ متكفّلا لإثبات نقيض حكم العامّ أو ضدّه لبعض حصص العامّ ، كما إذا قيل : ( أكرم كلّ عالم ) ، وقيل : ( لا يجب إكرام النحوي ) أو ( لا تكرم النحوي ).
التخصيص : هو أن يكون لدينا دليل يدلّ على العموم بالأداة ، ثمّ يأتي دليل آخر يخرج بعض أفراد أو حصص العامّ من الحكم ، كما إذا قيل : ( أكرم كلّ عالم ) ، ثمّ قيل : ( لا تكرم العالم الفاسق ).
وهنا دليل التخصيص على أقسام ثلاثة كالتقييد تماما :
الأوّل : أن يكون دليل الخاصّ ناظرا إلى دليل العامّ ، كما إذا قيل : ( أكرم كلّ عالم ) ، ثمّ قيل : ( إكرام العالم مختصّ بالعادل ).
الثاني : أن يكون دليل الخاصّ متكفّلا لإثبات سنخ حكم العامّ على الحصّة الخاصّة أي في دائرة أضيق ، كما إذا قيل : ( أكرم كلّ فقير ) ، ثمّ قيل : ( أكرم الفقير العادل ) ، فهنا إكرام الفقير العادل كان مشمولا للدليل العامّ أوّلا ، ثمّ انصبّ عليه الحكم بعنوانه الخاصّ ثانيا.
الثالث : أن يكون دليل الخاصّ متكفّلا لإثبات حكم مناقض أو مضادّ لحكم العام ، كما إذا قيل : ( أكرم كلّ عالم ) ، ثمّ قيل : ( لا تكرم العالم النحوي ).
والبحث في هذه الأقسام الثلاثة نظير ما تقدّم عن أقسام التقييد ولذلك قال :
ولا شكّ في أنّ الخاصّ من القسم الأوّل يعتبر حاكما ويقدّم بالحكومة على عموم العامّ.