وإن كان يكفينا الاحتمال.
ومنها : ما اعتذر به الجبائي (١) ، قال : لما كانت عادة العرب أن سيدا من سادات قبائلهم إذا عقد عهدا لقوم فإن ذلك العقد لا ينحل إلا أن يحله هو أو بعض سادات قومه ، فعدل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن أبي بكر إلى أمير المؤمنين عليهالسلام حذرا من أن لا يعتبروا نبذ العهد من أبي بكر لبعده في النسب.
وتشبث به جل من تأخر عنه ، كالفخر الرازي (٢) ، والزمخشري (٣) والبيضاوي (٤) وشارح التجريد (٥) .. وغيرهم (٦).
ورد عليهم أصحابنا (٧) بأن ذلك كذب صريح وافتراء على أصحاب الجاهلية والعرب ، ولم يعرف في زمان من الأزمنة أن يكون الرسول ـ سيما لنبذ العهد ـ من سادات القوم وأقارب العاقد ، وإنما المعتبر فيه أن يكون موثوقا به ، مقبول القول ولو بانضمام قرائن الأحوال ، ولم ينقل هذه العادة من العرب أحد من أرباب السير ورواة الأخبار ، ولو كانت موجودة في رواية أو كتاب لعينوا موضعها ، كما هو الشأن في مقام الاحتجاج.
وقد اعترف ابن أبي الحديد (٨) بأن ذلك غير معروف عن عادة العرب ، وإنما
__________________
(١) كما في المغني ، الجزء المتمم للعشرين : ٣٥١ ، وحكاه في الشافي ٤ ـ ١٥٥ ، وأجاب عنه.
(٢) في تفسيره ١٥ ـ ٢١٨.
(٣) في كشافه ٢ ـ ١٧٢.
(٤) في تفسيره ١ ـ ٤٠٥ في سورة البراءة.
(٥) شرح التجريد : ٣٧٢ ـ الحجرية ـ.
(٦) مثل ابن كثير في تفسيره ٢ ـ ٣٤٥ ، والقرطبي في جامع أحكام القرآن ٨ ـ ٦١ ، وصاحب تفسير بحر المحيط ٥ ـ ٧ ، وغيرهم.
(٧) قد مرت مصادر متعددة ، ونذكر هنا مثالا : الشافي ٤ ـ ١٥٠ ، والصراط المستقيم ٢ ـ ٦ ، وتلخيص الشافي ٢ ـ ٢٣٣.
(٨) في شرحه على نهج البلاغة ١٧ ـ ٢٠٠ بتصرف ، وقال قبله : فالذي قاله المرتضى أصح وأظهر.