الحديد (١) ـ قال : وقال غيره .. : إن المعزوم على بيعته لو مات (٢) عمر كان (٣) طلحة ابن عبيد الله (٤) ، ويدل على أن قصة الفلتة كانت لمثل ذلك ما في رواية طويلة رواها البخاري (٥) وغيره (٦) من قول عمر في خطبته أنه : بلغني أن قائلا منكم يقول : لو مات أمير المؤمنين لبايعت فلانا ، فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وتمت ، فلقد كان كذلك ، ولكن وقى (٧) الله شرها.
فخاف من بطلان ما مهدوه وعقدوا عليه العهود والمواثيق من بذل الجهد واستفراغ الوسع في صرف الأمر عن أمير المؤمنين عليهالسلام ومنعه عنه ، ومع ذلك هاج الضغن الكامن في صدره فلم يقدر على إخفائه والصبر عليه ، فظهر منه مثل هذا الكلام.
وأما ما ذكره من أن الأخبار التي رواها السيد رضياللهعنه غير موجودة في الكتب ، فليس غرضه من إيرادها إلا نوع تأييد لما ذكره من أن ادعاءهم العلم الضروري من قبيل المجازفة ، ومن راعى جانب الإنصاف وجانب الاعتساف علم أن الأمر كما ذكره.
ثم قال ابن أبي الحديد (٨) : اعلم أن هذه اللفظة وأمثالها كان عمر يقولها بمقتضى ما جبله الله تعالى عليه من غلظ الطينة وجفاء الطبيعة ، ولا حيلة له فيها ، لأنه مجبول عليها لا يستطيع تغييرها. ولا ريب عندنا أنه كان يتعاطى أن
__________________
(١) في شرحه على نهج البلاغة ٢ ـ ٢٥.
(٢) في (س) : كان ، بدلا من : مات.
(٣) لا توجد : كان ، في شرح النهج.
(٤) في (س) : عبد الله ـ مكبرا ـ ، وهو سهو.
(٥) صحيح البخاري ٨ ـ ٢٠٨ ، كتاب المحاربين ، باب ٣١.
(٦) منهم أحمد بن حنبل في مسنده ١ ـ ٥٥ ، وابن هشام في سيرته ٢ ـ ٦٥٨ ، وابن الأثير في جامع الأصول ٤ ـ ٩٠ ، حديث ٢٠٧٦ ، ولاحظ كتاب الصراط المستقيم ٣ ـ ٣٠٢.
(٧) في (س) : لقى.
(٨) في شرحه على النهج ٢ ـ ٢٧ ، بتصرف واختصار.