الإشفاق على حراسته ، والله تعالى يقول : ( وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (١) ونحو هذا ، وأما على رواية : أهجرا فقد (٢) يكون هذا راجعا إلى المختلفين عنده صلىاللهعليهوآلهوسلم ومخاطبة لهم من بعضهم ، أي جئتم باختلافكم على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين يديه هجرا ومنكرا من القول ، والهجر ـ بضم الهاء ـ : الفحش في المنطق.
وقد اختلف العلماء في معنى هذا الحديث ، وكيف اختلفوا بعد أمره لهم (٣) أن يأتوه بالكتاب ، فقال بعضهم : أوامر النبي صلى الله عليه [ وآله ] يفهم إيجابها من ندبها وندبها من إباحتها بقرائن ، فلعله قد ظهر من قرائن قوله صلى الله عليه [ وآله ] وسلم لبعضهم ما فهموا أنه لم يكن منه عزمة بل رده إلى اختيارهم ، وبعضهم لم يفهم ذلك. فقال : استفهموه؟ فلما اختلفوا كف عنه إذ لم يكن عزمة ، ولما رأوه من صواب رأي عمر ، ثم هؤلاء قالوا : ويكون امتناع عمر إما إشفاقا على النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم من تكلفه (٤) في تلك الحال إملاء الكتاب ، وأن تدخل عليه مشقة من ذلك كما قال : إن (٥) النبي صلى الله عليه [ وآله ] وسلم : اشتد به الوجع.
وقيل : خشي عمر أن يكتب أمورا يعجزون عنها فيحصلون في الحرج و (٦) العصيان (٧) بالمخالفة ، ورأى أن الأوفق بالأمة في تلك الأمور سعة الاجتهاد وحكم النظر ، وطلب الثواب (٨) ، فيكون المخطئ والمصيب مأجورا. وقد علم عمر تقرر
__________________
(١) المائدة : ٦٧.
(٢) هنا سقط جاء في الشفاء وهو : وهي رواية أي إسحاق المستملي في الصحيح في حديث أبي جبير عن ابن عباس من رواية قتيبة فقد ..
(٣) في المصدر : صلى الله عليه وسلم ، ولا توجد : لهم.
(٤) في الشفاء : تكليفه.
(٥) لا توجد في (س) : إن.
(٦) حذفت الواو من (س).
(٧) لا توجد : العصيان ، في المصدر.
(٨) في الشفاء : الصواب ، بدلا من : الثواب.