تكن هذه الكتابة مبدأه ، فكيف لم يشفق عمر في شيء من المواضع إلا فيما فهم فيه أن المراد تأكيد النص في أمير المؤمنين عليهالسلام ـ كما سيجيء تصريحه بذلك إن شاء الله ـ؟!. ولا ريب في (١) أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أشفق على نفسه وأعلم بحاله من عمر بن الخطاب.
وبالجملة ، برودة مثل هذا الاعتذار مما لا يرتاب فيه ذو فطنة.
وأما اشتداد الوجع ، فإنما استند إليه عمر لإثبات كلامه (٢) أن كلامه صلىاللهعليهوآلهوسلم ليس مما يجب (٣) الإصغاء إليه ، لكونه ناشئا من اختلال العقل لغلبة الوجع وشدة المرض كما يظهر من قولهم في الروايات السابقة ما شأنه؟ هجر؟ أو إنه ليهجر! لا لما زعمه هذا القائل ، وهو واضح.
الرابع : أن ما ذكره من الاعتلال ـ بأن عمر رأى أن (٤) الأوفق بالأمة ترك البيان ليكون المخطئ أيضا مأجورا ، وأنه خاف من أن يكتب أمورا يعجزون عنها فيحصلون في الحرج والعصيان بالمخالفة ـ يرد عليه ، أنه لو صح الأول لجاز للناس منع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تبليغ الأحكام ، وكان الأخرى (٥) أن لا يبعث الله الرسل إلى الخلق ويكلفهم المشاق واحتمال الأذى في تبليغ الأحكام ، ويترك الناس حتى يجتهدوا ويصيبوا الأجر ، مصيبين أو مخطئين ، ولا يرى المصلحة (٦) في خلاف ما حكم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بأن في تركه خوف الضلال على الأمة إلا من خرج عن ربقة الإيمان ، وقد قال تعالى : ( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا
__________________
(١) في (س) : فيه ، وخط عليها في ( ك ).
(٢) لا توجد : كلامه ، في (س).
(٣) في (س) : يجيب.
(٤) في ( ك ) : بأن.
(٥) كذا ، والظاهر : الأحرى ـ بالحاء المهملة ـ.
(٦) كذا ، والظاهر : المفسدة.