تَسْلِيماً ) (١) ، وقال سبحانه : ( وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) (٢).
وأما الخوف من أن يكتب أمرا يعجز الناس عنه ، فلو أريد به الخوف من أن يكلفهم فوق الطاقة فقد بان له ولغيره ـ بدلالة العقل ، وقوله تعالى : ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها ) (٣) وبغيره من الأدلة النقلية ـ أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يكلف أمته إلا دون طاقتهم ، ولو أريد الخوف من تكليفهم بما فيه مشقة فلم لم يمنع عمر وغيره رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن فرض الحج والجهاد والنهي عن (٤) وطء امرأة جميلة تأبى عن النكاح أو كان لها بعل مع شدة العزوبة وميل النفس ، وظاهر أن كثيرا من الناس يعصون الله في الأوامر الشاقة ويخالفون الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وأما المشقة البالغة التي تعد في العرف حرجا وضيقا ـ وإن كان دون الطاقة فقد نفاه الله تعالى بقوله : ( يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) (٥) ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : بعثت إليكم بالحنفية السمحة السهلة البيضاء (٦). وكيف فهم من قوله : أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعدي ... إنه أراد أن يكتب لهم ما يعجزون عن القيام به ، وأي ارتباط لهذا الاعتذار بقوله : إنه قد غلبه الوجع ، أو إنه ليهجر.
وبالجملة ، لم يكن عمر بن الخطاب ولا غيره أعلم بشأن الأمة وما يصلحهم
__________________
(١) النساء : ٦٥.
(٢) الأحزاب : ٣٦.
(٣) البقرة : ٢٨٦.
(٤) لا توجد : عن ، في (س).
(٥) البقرة : ١٨٥.
(٦) مسند أحمد بن حنبل ٥ ـ ٢٦٦.