ممن تواتر عليه الوحي الإلهي وأيده الله بروح القدس ، ولا أشفق عليهم وأرأف بهم ممن أرسله ( رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ )
الخامس : أن ما ذكره ـ من أن عمر علم تقرر الشرع والملة بقوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) ... (١) ، وقوله صلىاللهعليهوآله : أوصيكم بكتاب الله وعترتي .. يرد عليه : أنه لو كان المراد بكمال الدين ما فهمه لزم غناء الناس عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدم احتياجهم إليه بعد نزول الآية في حكم من الأحكام ، وأما قوله صلىاللهعليهوآله : أوصيكم بكتاب الله وعترتي. فليس فيه دلالة على أنه لم يبق أمر مهم للأمة أصلا حتى تكون الكتابة التي أراد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لغوا عبثا ، ويصح منعه عنها وقد كان المراد من الكتابة تأكيد الأمر باتباع الكتاب والعترة الطاهرة الحافظة له والعالمة بما فيه على وجهه خوفا من ترك الأمة الاعتصام بهما فيتورطوا في أودية الهلاك ، ويضلوا كما فعل كثير منهم ( وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ ) ، ولو فرضنا أن مراده صلىاللهعليهوآلهوسلم كان أمرا وراء ذلك ، فليس هذا الاعتذار إلا التزاما للمفسدة وقولا بأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حاول أن يكتب عبثا لا فائدة فيه أصلا ، وكان قوله : لا تضلوا بعده .. هجرا من القول وهذيانا محضا ، ولو كان الغناء بهذه الوصية فلم لم يتمسك عمر بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعترة المطهرة ولا رآهم أهلا للخلافة ولا للمشورة فيها؟! فترك الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والعترة صلوات الله عليهم وسارع إلى السقيفة لعقد الخلافة لحليفه وصديقه؟ ولم لم يرتدع ولم يرجع عما فعل بعد ما رأى من سيد العترة إنكاره لخلافة أبي بكر وعدم الانقياد له؟! وقد مضى من صحاح أخبارهم ما يدل على أنه عليهالسلام وسائر بني هاشم لم يبايعوا ستة أشهر ، ولم لم يقل في مقام المنع عن إحضار ما طلبه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : حسبنا كتاب الله وعترة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
(١) المائدة : ٣.