قال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ في مرضه ـ : ادعي لي أباك وأخاك حتى أكتب كتابا ، وإني أخاف أن يتمنى متمن ، ويقول قائل ..
فلولا منع عمر بن الخطاب لانسد باب ادعاء الرافضة.
وبالجملة ، لا ريب في أن ترك الوصية والكتابة أولى بتقول الأقاويل وادعاء الأباطيل ، والله لقد تطرق المنافقون ومن في قلبه مرض في أول الأمر ، فقال أحدهم : إنه قد غلبه الوجع .. وحسبنا كتاب الله .. وصدقه الآخرون ، وقالوا : القول ما قال عمر ، فثلموا في الإسلام وهدموا الإيمان ، كما أفصح عن ذلك ابن عباس بقوله : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلىاللهعليهوآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب.
الثامن : أن ما حكاه ـ من قول طائفة أخرى أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في هذا الكتاب كان مجيبا لما طلب عنه (١) فأجاب رغبتهم وكره ذلك غيرهم للعلل التي ذكرناها ـ يرد عليه أنه لا فرق باتفاق المسلمين فيما حكم الله ورسوله به بين ما كان ابتداء وبين ما طلبه أحد فنص عليه وجرى الحكم به ، وكما أن إنكار الأول ورده رد (٢) على الله ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي حكم الشرك بالله كذلك الثاني ، وقد سبقت الدلالة على أن الأمر لم يكن مردودا إلى اختيار القوم ، بل كان على وجه الحتم والإيجاب ، وأما كراهة من كره الكتابة للعلل المذكورة ففسادها يظهر لك مما عرفت من فساد العلل.
التاسع : أن ما استدل به من كراهة علي عليهالسلام لسؤال الخلافة ورغبة العباس وطلبه.
يرد عليه : أنه لا نزاع في وقوع الخلاف في كثير من الأمور بين الصحابة وغيرهم ، وذلك مما لا حاجة له إلى شاهد ، بل لا نزاع في وقوع الخلاف فيما حكم
__________________
(١) كذا ، والظاهر : منه.
(٢) في (س) : ورد ردا.