فالتمسك بهذا الكلام على أي وجه كان لا يجديهم نفعا.
وأما ما ذكره ـ من أن المطلوب منه (ص) كان تعيين الخليفة وكتاب الوصية في ذلك ـ فهو وإن كان باطلا من حيث إن إرادة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم للكتابة كان ابتداء منه ، لا إجابة لرغبة أحد ، كما هو الظاهر من خلو الروايات بأجمعها عن ذلك الطلب ، إلا أنه لا شك في أن مراده صلىاللهعليهوآلهوسلم كان الوصية في أمر الخلافة وتأكيد النص في علي عليهالسلام.
ومما يدل على ذلك ما رواه ابن أبي الحديد (١) في الجزء الثاني عشر من شرحه على النهج (٢) في سلك الأخبار التي رواها عن عمر ، قال :
روى ابن عباس ، قال : خرجت مع عمر إلى الشام (٣) ، فانفرد يوما يسير على بعير (٤) فاتبعته ، فقال لي : يا ابن عباس! أشكوا إليك ابن عمك ، سألته أن يخرج معي فلم يفعل ، ولا أزال (٥) أراه واجدا ، فيما (٦) تظن موجدته؟ قلت : يا أمير المؤمنين! إنك لتعلم ، قال : أظنه لا يزال كئيبا لفوت الخلافة؟ قلت : هو ذاك ، إنه يزعم أن رسول الله (ص) أراد الأمر له. فقال : يا ابن عباس! وأراد رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] الأمر له فكان ما ذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك ، إن رسول الله (ص) أراد أمرا وأراد الله غيره ، فنفذ مراد الله (٧) ولم ينفذ مراد رسول الله ، أوكلما أراد رسول الله صلىاللهعليهوآله كان؟! إنه أراد إسلام عمه ولم يرده الله تعالى فلم يسلم!.
__________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ١٢ ـ ٧٨ ـ ٧٩.
(٢) لا توجد في ( ك ) : على النهج.
(٣) في المصدر : في إحدى خرجاته.
(٤) في شرح النهج : بعيره.
(٥) في المصدر : ولم أزل.
(٦) في ( ك ) : أفيما ، نسخة بدل.
(٧) في شرح النهج : الله تعالى.