قال (١) : وقد روي معنى هذا الخبر بغير هذا اللفظ ، وهو قوله : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله أراد أن يذكره للأمر في مرضه ، فصددته عنه خوفا من الفتنة وانتشار أمر الإسلام ، فعلم رسول الله (ص) ما في نفسي وأمسك ، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم.
وروى (٢) أيضا في الموضع المذكور ، عن ابن عباس ، قال : دخلت على عمر في أول خلافته وقد ألقي له صاع من تمر على خصفة ، فدعاني إلى الأكل ، فأكلت تمرة واحدة وأقبل يأكل حتى أتى عليه ، ثم شرب من جرة (٣) كانت عنده ، واستلقى على مرفقة له وطفق يحمد الله .. يكرر ذلك ، ثم قال : من أين جئت يا عبد الله؟. قلت : من المسجد. قال : كيف خلفت ابن عمك؟. فظننته يعني عبد الله بن جعفر ، قلت : خلفته يلعب مع أترابه. قال : لم أعن ذلك ، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت. قلت : خلفته يمتح (٤) بالغرب على نخيلات من فلان ويقرأ (٥) القرآن.
قال : يا عبد الله! عليك دماء البدن إن كتمتنيها ، هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟. قلت : نعم. قال : أيزعم أن رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] نص عليه؟. قلت : نعم ، وأزيدك ، سألت أبي عما يدعيه ، فقال : صدق. فقال عمر : لقد كان من رسول الله صلى الله عليه [ وآله ] في أمره ذرء من قول لا يثبت
__________________
(١) قاله ابن أبي الحديد في شرحه ١٢ ـ ٧٩ بنصه.
(٢) في شرحه على النهج ١٢ ـ ٢٠ بتصرف.
(٣) قال في النهاية ١ ـ ٢٦٠ : الجر والجرار : جمع جرة ، وهو الإناء المعروف من الفخار. وفي المصدر :جر.
(٤) في (س) : يمنح. وجاء في حاشية ( ك ) : متح الدلو يمتحها متحا : جذب. والغرب ـ بفتح الغين وسكون الراء ـ : الدلو العظيمة. [ منه ( قدسسره ) ].
انظر : مجمع البحرين ٢ ـ ٤١١ و ١٣١ ، والنهاية ٤ ـ ٢٩١ و ٣ ـ ٣٤٩.
(٥) في المصدر : وهو يقرأ.