الحوادث مغايرا لمحل الآخر كما إذا شك في ثلاثة أشياء بأن اثنين منها واجبان تخييرا أو أن الثالث واجب عينا بعد العلم الإجمالي بحدوث وجوب من الشارع في أحد تلك الأشياء فكان الأمر كما ذكر من أن أصالة عدم الوجوب التعييني في مرتبة كل من الأصليين الآخرين وهما أصالة عدم الوجوب التخييري في هذا وأصالة عدم الوجوب كذلك في ذلك ، لكن مفروضة في صورة اتحاد مورد اثنان منها ، إذ المفروض أن ذلك الشيء الآخر هل ثبت له الوجوب التعييني أو التخييري ، فهذان الحادثان متحدان بحسب المورد في ذلك الشيء ولما كان المفروض العلم الإجمالي بوجود حادث في ذلك الشيء مردد بينهما فيعارض الأصلان الحادثان فيهما فيه لذلك ويتساقطان.
وأما أصالة عدم الوجوب التخييري في هذا الشيء المشكوك الوجوب رأسا فهي ليست في مرتبة أصالة عدم الوجوب التعييني لذلك الشيء ، بل إنما هي في مرتبة أصالة عدم وجوب ذلك الشيء أصلا ، المنقطعة بالعلم بوجوب ذلك الشيء في الجملة ، فتكون هذه سليمة عن المعارض فيصح الأخذ بها.
وبعبارة أخرى إن الشك هنا في وجوب الأكثر بعد العلم بوجوب الأقل ، إذ المفروض العلم بوجوب ذلك الفرد في الجملة والشك في وجوب هذا أيضا أو اختصاصه بذلك.
والحاصل أن أطراف الشك هنا ثلاثة خصوصيات وهي وجوبان تخييريان ووجوب عيني ، متلازمة اثنتان منها وهما الأولان في الوجود ومتحدة اثنتان منها في مفروض البحث وهما الأخير وأحد الأولين فيكون الحال في المقام نظير ما إذا شككنا في إناءين في أنه هل وقع في كل منهما البول أو وقع الدم في أحدهما فقط هو هذا الإناء الخاصّ بعد العلم الإجمالي بوقوع أحد النجسين في هذا الإناء الخاصّ ، بمعنى أنا علمنا أنه لو كان الواقع بولا لوقع في كليهما وإن كان دما وقع في هذا الإناء الخاصّ فكما أنه لا إشكال في نفي وقوع البول من الإناء الآخر