لتمكنه من موافقته بحكم العقل وبناء العقلاء كافة فإنهم لا يفرقون بينه وبين ما إذا كان المعلوم نوع التكليف قطعا.
لا يتوهم إنا نقول أن مجرد التمكن من الاحتياط حجة قاطعة للعذر حتى يرد علينا أن مقتضى ذلك لزوم الاحتياط في الشبهات البدوية ، بل المراد أن ذلك العلم الإجمالي منضما إلى إمكان الاحتياط حجة.
وبعبارة أخرى : إنه حجة بشرط إمكان الاحتياط معه.
وأما الفرق بين المقامين من حيث الأخبار فسيأتي الكلام فيه في الشبهة المحصورة إن شاء الله.
ويمكن الفرق بينهما من تلك الجهة أيضا بما ذكرناه.
وتقريره أن كل واحد من أخبار البراءة مغيا بعدم قيام الحجة فيشمل صورة كون طرفي العلم الإجمالي متعلقين بأمر واحد دون ما إذا كانا متعلقين بأمرين.
قوله (قدس سره) : ( فهو حاصل فيما نحن فيه ) (١).
لا يخفى ما فيه من القصور ، فإن مراده الموافقة العملية بالقدر الميسور وهو الاحتمالية منها فإنها هو القدر الممكن. وظاهر العبارة حصول الموافقة العملية القطعية.
قوله (قدس سره) : ( وليس حكما شرعيا ثابتا في الواقع ) (٢).
يعني ليس هذا النحو من الحكم الشرعي لا أنه ليس حكما شرعيا أصلا كما قد يتوهم.
والحاصل أن الحكم الشرعي قد يكون مما يمكن تطرق الجهل إليه بمعنى
__________________
(١) فرائد الأصول ١ : ٣٩٦.
(٢) فرائد الأصول ١ : ٣٩٦.