الآخر ) (١).
أقول : وفيها إشكال آخر ، لم يذكره المصنف (قدس سره) وهو أن ظاهر صدرها الرجوع إلى الحاكم عند المعارضة والمنازعة ، ولا ريب أن الأمر بيد المدعي في اختيار الحاكم في المنازعات وله اختيار من شاء ، وإن كان مفصولا بالنسبة إلى من اختاره المنكر ، فإن الفقيه وإن كان مفصولا ، ينفذ حكمه في الواقعة الشخصية ، لا تفويض الأمر بيد المتنازعين وتحريهما في إعمال المرجحات فكان المناسب أن يجيب عليه السلام بأن الأمر بيد المدعي ، والقول قول من اختاره حكما ، هذا.
ولكن الّذي يقتضيه التأمل اندفاع تلك الإشكالات بأسرها على تقدير تماميتها في أنفسها ، بأن غاية ما ثبت إنما هي المنع منها في القاضي المنصوب خصوصا أو عموما ، وأما قاضي التحكيم الّذي هو المفروض في صدر الرواية كما يقتضيه قول السائل ( فإن كان كل رجل يختار رجلا ) فلم يقم دليل على عدم جواز نقض حكمه ، ولا على عدم جواز تعدده ، ولا على عدم جواز اجتهاد المترافعين بعد تعارض حكمهما ، ولا على عدم جواز اختيار المنكر من شاء أيضا ، فالأمور المذكورة على تقدير لزومها لا محذور فيها ، بل يمكن التمسك على جوازها بصدر الرواية.
هذا مضافا إلى عدم لزوم بعضها ـ أيضا ـ كتعدد الحكمين ، فلأن الظاهر من الرواية فرض السؤال عن تراضي المتخاصمين بكون كلا الشخصين معا حكما فيما شجر بينهما بأن يحكم كل منهما باستصواب الآخر ، لا كونه حكما مستقلا مستندا برأيه ، نظرا إلى قول الراوي ( فرضيا أن يكونا الناظرين في حقهما ).
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٧٧٢.