بالناس فأبى عليها وكثر دخوله وخروجه تلك الليلة بلا سلاح وقد عرف عليهالسلام أن ابن ملجم لعنه الله قاتله بالسيف كان هذا مما لم يجز تعرضه فقال ذلك كان ولكنه خير في تلك الليلة لتمضي مقادير الله عز وجل.
______________________________________________________
إزاره وخرج وهو يقول :
اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك |
|
ولا تجزع من الموت إذا حل بواديك (١) |
فلما خرج إلى صحن داره استقبلته الإوز فصحن في وجهه فجعلوا يطردونهن فقال : دعوهن : فإنهن نوائح ثم خرج فأصيب عليهالسلام.
وقال ابن شهرآشوب : فلما طلع الفجر أتاه ابن النباح فنادى : الصلاة ، فقام فاستقبلته الإوز فصحن في وجهه ، فقال : دعوهن فإنهن صوائح تتبعها نوائح ، وتعلقت حديدة على الباب في مئزره (٢) فشد إزاره وأنشد البيت المتقدم.
« كان هذا مما لم يجز تعرضه » وفي بعض النسخ : لم يحل ، ومنشأ الاعتراض أن حفظ النفس واجب عقلا وشرعا ، ولا يجوز إلقاؤها إلى التهلكة « فقال عليهالسلام ذلك كان ولكنه خير » في بعض النسخ بالخاء المعجمة أي خيره الله بين البقاء واللقاء فاختار لقاء الله ، وهذه النسخة مناسبة لعنوان الباب وهو مبني على منع كون حفظ النفس واجبا مطلقا ، ولعله كان من خصائصهم عدم وجوب ذلك عند اختيارهم الموت ، وحكم العقل في ذلك غير متبع ، مع أن حكم العقل بالوجوب في مثل ذلك غير مسلم.
قال المحدث الأسترآبادي (ره) : أقول : أحاديث هذا الباب صريحة في أن المقدمة المشهورة بين المعتزلة من أن حفظ النفس واجب عقلا غير مقبولة ، ولو خصصناها بحالة رجاء الخلاص ، انتهى.
وفي بعض النسخ « حير » بالحاء المهملة أي إنسي وأغفل عنه في ذلك الوقت ، ويؤيده ما رواه الصفار في البصائر عن أحمد بن محمد عن إبراهيم بن أبي محمود عن بعض أصحابنا قال : قلت للرضا عليهالسلام : الإمام يعلم إذا مات؟ قال : نعم ، يعلم بالتعليم ممن
__________________
(١) حيازيم جمع حيزوم وسط الصدر ، وشدّ الحيازيم كناية عن الصبر.
(٢) المئزر : الإزار.