______________________________________________________
قيل له : الوجه الثاني الذي ذكرناه في جواب سؤالك المتقدم يسقط هذا السؤال.
ومما يبطله أيضا أنه إذا ثبت أنه عليهالسلام مفترض الطاعة على جميع الخلق في بعض الأمور دون بعض وجبت إمامته ، وعموم فرض طاعته ، وامتثال تدبيره ، فلا يكون إلا الإمام لأن الأمة مجمعة على أن من هذه صفته هو الإمام ، ولأن كل من أوجب لأمير المؤمنين عليهالسلام من خبر الغدير فرض الطاعة على الخلق أوجبها عامة في الأمور كلها على الوجه الذي يجب للأئمة عليهمالسلام ولم يخص شيئا دون شيء.
وبمثل هذا الوجه نجيب من قال : كيف علمتهم عموم القول لجميع الخلق؟ مضافا إلى عموم إيجاب الطاعة لسائر الأمور ، ولستم ممن يثبت للعموم صيغة في اللغة فتغلقون بلفظة من وعمومها ، وما الذي يمنع على أصولكم من أن يكون أوجب طاعته على واحد من الناس أو جماعة من الأمة قليلة العدد ، لأنه لا خلاف في عموم طاعة النبي صلىاللهعليهوآله وعموم قوله من بعده : فمن كنت مولاه ، وإلا لم يكن للعموم صورة ، وقد بينا أن الذي أوجبه ثانيا يجب مطابقته لما قدمه في وجهه وعمومه في الأمور ، وكذا يجب عمومه في المخاطبين بتلك الطريقة ، لأن كل من أوجب من الخبر فرض الطاعة وما يرجع إلى معنى الإمامة ذهب إلى عمومه لجميع المكلفين ، كما ذهب إلى عمومه في جميع الأفعال ، انتهى.
وأما ما زعم بعضهم من أن قوله صلىاللهعليهوآله : اللهم وال من والاه ، قرينة على أن المراد بالمولى الموالي والناصر ، فلا يخفى وهنه إذ لم يكن استدلالنا بمحض تقدم ذكر الأولى حتى يعارضونا بذلك ، بل إنما استدللنا بسياق الكلام وتمهيد المقدمة والتفريع عليهما ، وما يحكم به عرف أرباب اللسان في ذلك وأما الدعاء بموالاة من والاه فليس بتلك المثابة ، وإنما يتم هذا لو ادعى أحد أن اللفظ بعد ما أطلق على أحد معانيه لا يناسب أن يطلق ما يناسبه ويدانيه في الاشتقاق على معنى آخر ، وكيف يدعي ذلك عاقل ، مع أن ذلك مما يعد من المحسنات البديعة.