______________________________________________________
بتدبير الخلق وأمرهم ونهيهم من كل أحد إلا من كان إماما لهم مفترض الطاعة عليهم.
فإن قال : سلمنا أن المراد بالمولى في الخبر ما تقدم من معنى الأولى من أين لكم أنه أراد كونه أولى بهم في تدبيرهم وأمرهم ونهيهم دون أن يكون أراد به أولى بأن يوالوه ويحبوه ويعظموه ويفضلوه؟
قيل له : سؤالك يبطل من وجهين : « أحدهما » أن الظاهر من قول القائل فلان أولى بفلان ، أنه أولى بتدبيره وأحق بأمره ونهيه ، فإذا انضاف إلى ذلك القول أولى به من نفسه زالت الشبهة في أن المراد ما ذكرناه ، ألا تراهم يستعملون هذه اللفظة مطلقة في كل موضع حصل فيه محقق للتدبير والاختصاص بالأمر والنهي كاستعمالهم لها في السلطان ورعيته والوالد وولده والسيد وعبده ، وإن جاز أن يستعملوها مقيدة في غير هذا الموضع ، إذا قالوا فلان أولى بمحبة فلان أو بنصرته أو بكذا وكذا منه ، إلا أن مع الإطلاق لا يعقل عنهم إلا المعنى الأول.
« والوجه الآخر » أنه إذا ثبت أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد بما قدمه من كونه أولى بالخلق من نفوسهم أنه أولى بتدبيرهم وتصريفهم من حيث وجبت طاعته عليهم بلا خلاف وجب أن يكون ما أوجبه لأمير المؤمنين عليهالسلام في الكلام الثاني جاريا ذلك المجرى يشهد بصحة ما قلناه أن القائل من أهل اللسان إذا قال فلان وفلان ، وذكر جماعة شركاء في المتاع الذي من صفته كذا وكذا ، ثم قال عاطفا على كلامه من كنت شريكه فعبد الله شريكه ، اقتضى ظاهر لفظه أن عبد الله شريكه في المتاع الذي قدم ذكره ، وأخبر أن الجماعة شركاؤه فيه ، ومتى أراد أن عبد الله شريكه في غير الأمر الأول كان سفها غاشا ملغزا.
فإن قيل : إذا سلم لكم أنه عليهالسلام أولى بهم بمعنى التدبير ووجوب الطاعة من أين لكم عموم وجوب الطاعة في جميع الأمور التي تقوم بها الأئمة ، ولعله أراد به أولى بأن يطيعوه في بعض الأشياء دون بعض؟