______________________________________________________
خصوص أمر من الأمور يدل على العموم ، لا سيما وقد انضم إليه قوله صلىاللهعليهوآله : من أنفسكم؟ فإن للمرء أن يتصرف في نفسه ما يشاء ، ويتولى من أمره ما يريد ، فإذا حكم بأنه أولى بهم من أنفسهم يدل على أن له أن يأمرهم بما يشاء ، ويدبر فيهم ما يشاء في أمر الدين والدنيا ، وأنه لا اختيار لهم معه ، وهل هذا إلا معنى الإمامة والرئاسة العامة.
وأيضا لا يخفى على عاقل أن ما قررهم صلىاللهعليهوآلهوسلم عليه إنما أشار به إلى ما أثبت الله له في كتابه العزيز ، حيث قال : « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » (١) وقد أجمع المفسرون على أن المراد به ما ذكرناه.
قال الزمخشري في الكشاف : النبي أولى بالمؤمنين في كل شيء من أمور الدين والدنيا من أنفسهم ، ولهذا أطلق ولم يقيد فيجب عليهم أن يكون أحب إليهم من أنفسهم ، وحكمه أنفذ إليهم من حكمها ، وحقه آثر عليهم من حقوقها ، وشفقتهم عليه أقدم من شفقتهم عليها ، وأن يبذلوها دونه ويجعلوها فداء إذا أعضل خطب ووقاية إذا ألحقت حرب ، وأن لا يتبعوا ما تدعوهم إليه نفوسهم ، ولا ما تصرفهم عنه ويتبعوا كل ما دعاهم إليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وصرفهم عنه ، إلى آخر كلامه.
ونحوه قال البيضاوي وغيره من المفسرين.
وقال السيد رضياللهعنه فأما الدليل على أن لفظة أولى يفيد معنى الإمامة ، فهو أنا نجد أهل اللغة لا يضفون هذا اللفظ إلا فيمن كان يملك ما وصف بأنه أولى به ، وينفذ فيه أمره ونهيه ، ألا تراهم يقولون : السلطان أولى بإقامة الحدود من الرعية وولد الميت أولى بميراثه من كثير من أقاربه ، ومرادهم في جميع ذلك ما ذكرناه ، ولا خلاف بين المفسرين في أن قوله تعالى « النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » المراد به بتدبيرهم والقيام بأمرهم ، حيث وجبت طاعته عليهم ، ونحن نعلم أنه لا يكون أولى
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٦.