______________________________________________________
العامة ، إذ لا يخفى على منصف أنه لا يحسن من أمير قوي الأركان كثير الأعوان أن يقول في شأن بعض آحاد الرعايا : من كنت ناصره فهذا ناصره ، فأما إذا استخلفه وأمره على الناس فهذا في غاية الحسن ، لأنه جعله بحيث يمكن أن يكون ناصر من نصره.
المسلك الثالث :
أنه قد ورد في كثير من روايات الخاصة والعامة أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال أولا : ألست أولى بكم من أنفسكم؟ أو قال : ألستم تعلمون إني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا بلى ، قال : ألستم تعلمون إني أولى بكل مؤمن من نفسه؟ قالوا : بلى ، فقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، فما مهده صلىاللهعليهوآلهوسلم أو لا وفرع عليه هذا الكلام قرينة واضحة على أن المراد بالمولى ما ذكره أولا من الأولوية التي أثبتها لنفسه ، ولا ينكر هذا إلا جاهل بأساليب الكلام ، أو متجاهل للعصبية عما تتنازع إليه الأفهام.
قال في الشافي : فأما الدلالة على أن المراد بلفظة مولى في خبر الغدير الأولى ، فهو أن من عادة أهل اللسان في خطابهم إذا أوردوا جملة مصرحة وعطفوا عليها بكلام محتمل لما تقدم التصريح به ولغيره ، لم يجز أن يريدوا بالمحتمل إلا المعنى الأول ، يبين صحة ما ذكرناه أن أحدهم إذا قال مقبلا على جماعة مفهما لهم ، وله عدة عبيد : ألستم عارفين بعبدي ، فلان ، ثم قال عاطفا على كلامه : فاشهدوا إن عبدي حر لوجه الله ، لم يجز أن يريد بقوله : عبدي بعد أن قدم ما قدمه إلا العبد الذي سماه في أول كلامه دون غيره من سائر عبيده ، ومتى أراد سواه كان عندهم لغوا خارجا عن طريق البيان انتهى.
وأقول : فإذا ثبت أن المراد بالمولى هنا الأولى الذي تقدم ذكره والأولى في الكلام المتقدم غير مقيد بشيء وحال من الأحوال ، فلو لم يكن المراد به العموم لزم الألغاز في الكلام ، ومن قواعدهم المقررة أن حذف المتعلق من غير قرينة دالة على