أنا بالأمس صاحبكم وأنا اليوم عبرة لكم وغدا مفارقكم إن تثبت الوطأة في هذه المزلة فذاك المراد وإن تدحض القدم فإنا كنا في أفياء أغصان وذرى رياح
______________________________________________________
لأن عطف الدين عليه يقتضي أن يكون الدين أيضا مخففا وهذا لا يصح ، انتهى.
والمراد بالإمام الإمام في كل زمان ، ويحتمل شموله للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
أيضا تغليبا ، وربما يخص بالرسول.
« أنا بالأمس صاحبكم » أي كنت صحيحا مثلكم نافذ الحكم فيكم ، أو صاحبكم الذي كنتم تعرفونني بقوتي وشجاعتي « واليوم عبرة لكم » العبرة بالكسر ما يتعظ به الإنسان ويعتبره ليستدل به على غيره ، والمعنى اليوم تعتبرون بإشرافي على الموت وضعفي عن الحراك بعد ما كنت أميرا لكم ، أتصرف في الأمور على حسب إرادتي أو بأن ترونني صريعا بينكم بعد قتل الأقران وصرع الإبطال « إن ثبت الوطأة » في بعض النسخ بصيغة الماضي ، والوطأة بالفتح موضع القدم ، والمرة من الوطء وهو الدوس بالرجل ، والمراد ثبات القدم بالبقاء في الدنيا بأن كان يؤدي الجرح إلى الهلاك ، ودحضت القدم كمنعت أي زلقت وزلت ، وهذا كناية عن الموت « فذاك المراد » أي مرادكم فإنه عليهالسلام كان آنس بالموت من الطفل بثدي أمه ، أو مرادي لأنه صلوات الله عليه كان راضيا بقضاء الله تعالى ، فمع قضاء الله حياته لا يريد غير ما أراده سبحانه.
ثم الظاهر من سائر الأخبار أنه عليهالسلام كان عالما بشهادته ووقتها وكان ينتظرها ويخبر بوقوعها ويستنبطها في الليلة التي وعدها ، ويقول : ما منع قاتلي؟ فهذا الكلام من قبيل تصوير العالم نفسه بصورة الشاك لبعض المصالح نحو قوله تعالى « أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ » (١).
والأفياء جمع فيء بالفتح وهو الظل الحادث منه بعد الزوال ، لأن أصله الرجوع « وذرى رياح » أي ما ذرته وجمعته ، شبه ما فيه الإنسان في الدنيا من الأمتعة والأموال بما ذرته الرياح في عدم ثباتها وقلة الانتفاع ، فإنها تجمعها ساعة وتفرقها أخرى ،
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٤٢.