جارا جاوركم بدني أياما وستعقبون مني جثة خلاء ساكنة بعد حركة وكاظمة بعد نطق ليعظكم هدوي وخفوت إطراقي وسكون أطرافي فإنه أوعظ لكم من الناطق
______________________________________________________
قوله : كنت جارا ، أي مجاورا جاوركم بدني ، إنما خص المجاورة بالبدن لأنها من خواص الأجسام ، أو لأن روحه صلوات الله عليه كانت معلقة بالملأ الأعلى وهو بعد في هذه الدنيا كما قال عليهالسلام في وصف إخوانه الذين تأوه شوقا إلى لقائهم : كانوا في الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملأ الأعلى « وستعقبون » على بناء المفعول من الأعقاب وهو إعطاء شيء بعد شيء ، ويقال : أكل أكلة أعقبه سقما أي أورثه ، والحاصل : يبقى فيكم بعد رحلتي ، وجثة الإنسان بالضم شخصه وجسده « خلاء » أي خالية من الروح والحواس « بعد حركة » في النهج : بعد حراك ، كسحاب بمعناها « وكاظمة بعد نطق » قال الفيروزآبادي كظم غيظه رده والباب أغلقه وكظم كعني كظوما سكت ، وقوم كظم كركع ساكنون ، وفي النهج : وصامتة بعد نطوق.
« ليعظكم » بكسر اللام والنصب كما ضبط في أكثر نسخ النهج ، ويحتمل الجزم لكونه أمرا ، وفتح اللام والرفع أيضا ، وهدأ كمنع هداء وهدوءا بالضم ، أي سكن ، وهدؤى ، في بعض نسخ النهج بالهمزة على الأصل ، وفي بعضها بتشديد الواو بقلب الهمزة واوا ، وفي الصحاح خفت الصوت خفوتا سكن ولهذا قيل للميت خفت إذا انقطع كلامه وسكت ، و « إطراقي » إما بكسر الهمزة كما هو المضبوط في النهج من أطرق إطراقا أي أرخى عينيه إلى الأرض ، كناية عن عدم تحريك الأجفان ، أو بفتحها جمع طرق بالكسر بمعنى القوة كما ذكره الفيروزآبادي ، أو بالفتح وهو الضرب بالمطرقة ، وقيل : جمع طرقة بالفتح أي صنائع الكلام ، يقال : هذه طرقته أي صنعته والأول أظهر وأضبط.
والأطراف جمع طرف بالتحريك كجمل وإجمال والمراد بها الأعضاء والجوارح كاليدين والرجلين أو جمع الطرف بالتسكين وهو تحريك العين والجفن ، إلا أن جمعه لم يثبت إلا عند القتيبي ، وقال الزمخشري : الطرف لا يثني ولا يجمع لأنه مصدر ، وكذا ذكره الجوهري.