البليغ ودعتكم وداع مرصد للتلاقي غدا ترون أيامي ويكشف الله عز وجل عن
______________________________________________________
« ودعتكم » على صيغة المتكلم من باب التفعيل ، « وداع » بالفتح اسم من قولهم ودعته توديعا ، وأما الوداع بالكسر فهو الاسم من قولك وادعته موادعة أي صالحته ، وهو منصوب بالمصدرية ، وفي أكثر نسخ النهج : وداعيكم وداع ، بإضافة وداعي إلى ضمير المفعول ، أي وداعي إياكم وتجوز في مثله الفصل والوصل ، و « وداع » مرفوع بالخبرية ، ورصدته : إذا قعدت له على طريقه تترقبه وأرصدت له العقوبة إذا أعددتها له وحقيقتها جعلتها على طريقه كالمترقبة له ، و « مرصد » في بعض نسخ النهج على صيغة اسم المفعول فالفاعل هو الله تعالى أو نفسه عليهالسلام كأنه أعد نفسه بالتوطين للتلافي ، وفي بعضها على صيغة اسم الفاعل ، فالمفعول نفسه صلىاللهعليهوآله أو ما ينبغي إعداده وتهيئة ، ويوم التلاقي يوم القيامة ويحتمل شموله للرجعة أيضا.
« غدا » أي زمان مفارقتي إياكم وهو ظرف للأفعال الآتية أي بعد أن أفارقكم ويتولى بنو أمية وغيرهم أمركم « ترون » وتعرفون فضل أيام خلافتي وإني كنت على الحق ويكشف الله لكم أني ما أردت في حروبي وسائر ما أمرتكم به إلا وجه الله عز وجل ، وتعرفون عدلي وقدري بعد قيام غيري مقامي بالأمارة.
قيل : والسر فيه أن الكمل إنما يعرف قدرهم بعد فقدهم إذ مع شهودهم لا يخلو من يعرفهم عن حسد منه لهم ، فكمال قدرهم مخبوء عن عين بصيرته لغشاوة حسده التي عليها « ويكشف الله عن سرائري » لأن بالموت ينكشف بعض ما يستره الإنسان عن الناس من حسناته المتعدية إليهم.
أقول : ويحتمل أن يكون المراد بقوله : غدا أيام الرجعة ويوم القيامة فإن فيهما تظهر شوكتهم ورفعتهم ونفاذ حكمهم في عالم الملك والملكوت ، فهو عليهالسلام في الرجعة ولي انتقام العصاة والكفار ، وتمكين المتقين والأخيار في الأصقاع والأقطار وفي القيامة ولي الحساب وقسيم الجنة والنار وغير ذلك مما يظهر من درجاتهم ومراتبهم السنية فيهما ، فالمراد بخلو مكانه خلو قبره عن جسده في الرجعة ، أو نزوله عن منبر